فتى الريف الذي أصبح حاكما للأندلس أعظم دولة في العالم في ذلك الوقت !
كان فتى ريفيا مغمورا يدعى محمد بن أبن عامر.. يسكن في قرية صغيرة يعيش فيها هو وأمه ..لم يكن سكان هذه القرية الصغيرة في الجزيرة الخضراء .. يتوقعون أن يكون هذا الفتى الصغير سيكون يوما ما حاكما في جوهرة العالم قرطبة وفي أعظم ممالك الأرض في ذلك الزمان الأندلس ..
مرت الأيام على هذا الفتى حتى أصبحا شابا ..وكان محبا للعلم ومهتما به ..فلم تعد تسع هذه القرية الصغيرة لطموحاته وأحلامه.. ففكر في الذهاب لقرطبة حيث هناك منبع العلم والعلماء ..فحمل حقائبه وودع أمه العجوز وذهب وهو لا يدري ما يخفيه له القدر ..
درس في قرطبة وأكمل دراسته بهدوء وتميز ..وكأن محط أعجاب معلميه ..لم يفكر منذ خروجه من قريته الصغيرة بالسياسة وما يدور فيها .... لم يكن يتصور انه سيقحم نفسه يوما في هذه الصراعات والمؤامرات ..بل كان جل تفكيره منصبا على العلم وأمنيته أن يكون قاضيا كأبيه وأخوالهلكنه بعدما رأى وسمع ما يحدث في قرطبة من تعدي على حقوق الرعية وظلم وتجبر فئة على فئة !!
ظل شغله الشاغل ما يدور في قرطبة وما هو مستقبل البلاد في ظل هذه البطانة الفاسدة ..ووجود خليفة عجوز ليس له خلف !! يدير دولته حاجبه ورئيس دولته "جعفر المصحفي" وهو من الموالي..
بدأ يشغل نفسه بأمور السياسة..حتى عزم على دخول اللعبة لعبة السياسة..وهو يعرف انه وحيدا في ظل هذه التجمعات والمستحيلات لدخول الصراع على السلطة في ظل هذه الحواجز المستحيلة لمثله لدخول إلى مدينة الحكم أنذاك الزهراء!! بدأ يرسم في عقله الكبير مخططاته ..وبدأ يسمع من هنا ويسمع من هناك ويسجل كل ما يحدث معه في عقله ..
حتى بدأ يظهر ما في نفسه لأقرب الناس إليه ..حتى تعجبوا من ما يقوله وبدأ أضحوكة في بعض المرات من هؤلاء الناس الذي يفضي لهم ما في داخله ..ومع ذلك لم يتأثر مما قالوا له أو استهزاء به بل ظل صامدا واثقا من نفسه وبقدراته وبتوفيق الله له لما هو ساعي إليه لخدمة الإسلام والمسلمين ..بدأ أولى الخطوات لدخول مدينة الزهراء عاصمة الخلافة ..بفتتاح دكانا صغيرا له بالقرب من قصر الإمارة في الزهراء يكتب فيه الشكاوي وغيره لاولئك الناس الذين يريدون تقديمها للقصر"
وقد أستفاد محمد من تجربته تلك"استمر في ممارسة عمله حتى سمحت له الفرصه التي كان ينتظرها والتي من أجلها عمل في ذلك المكان الذي لايرضي طموحه ولايتوافق مع قدراته فقد طلبت سيدة الاندلس الاولي السيدة صبح البشكنسيه "زوجة الخليفه"أن يحضرو لها من يقوم على خدمته ولدها فعرفها فتيان القصر على محمد وانه يملك مميزات عاليه من اللباقه والمعرفه وأن شكله حسن "وعلى فكره كان محمد رجلا وسيما"وبعد أن عرض عليها وافقت ..وهنا بدأ القدر ييسر عمله ويدفعه دفعا ..فبعد دخوله إلى عالم القصور والبخور والأموال ..
لم يتأثر ولم يقل إلى هنا ويكفي أصبحت من أعيان المدينة ويكفيني هذا ..بل صمم على ما هو واضعا نفسه فيه وليس غير كرسي الحكم يسعه.بعد ذلك وبفضل ما يملك من عبقرية وذكاء تدرج في بعض الوظائف الكبرى ..وفي هذا الوقت توفي الخليفة العجوز وليس له سوى ولدا واحد لم يتجاوز العشر سنوات ..فعزم مع حاجب الدولة على توليته خليفة للعهد حتى يصبح هو الوصي عليه وعندها يستطيع تدبير أمور الدولة بنفسه..وفعلا تم له ذلك وأصبح هو وصي الدولة ..
وبعد ذلك أستطاع تصفية الحاجب وخصومه بفضل ما يملكه من دهاء ومحبة للرعية إذ أصبح المجاهد الأول للأندلس وحامي الثغور ..