الأحد، ديسمبر ٢٤، ٢٠٠٦

فوزي وفهمي هويدي

أكدت محطة "همبكة نيوز" الإخبارية منذ قليل أن سبب عدم ظهور مقال "فهمي هويدي" في الأهرام يوم الثلاثاء هو بسبب تعرض الكاتب الكبير لاعتداء آثم من مجموعة من الملثمين الذين يجيدون الفنون القتالية, حيث أرغموه على النزول من سيارته التي كانت تسير في شارع الأهرام و قاموا بوصلة قتالية بمصاحبة إنشادية من فرقة "صامدون" و أكد شهود عيان أنهم شاهدوا التوربيني يتوسط المجموعة الملثمة رغم تأكيد الجهات الأمنية على اعتقاله و اعتقال جميع أفراد الميليشيات المارقة, و نجح المعتدون في الحصول على المقال الذي كان من المفترض أن يتم نشره في الجريدة الغراء يوم الثلاثاء بعد أن قاموا بالتنكيل بالكاتب الكبير و بتحطيم زجاج سيارته, ثم لاذوا بالفرار إلى أماكن اعتقالهم حسب ما وردنا من مراسلتنا "فوزية بلبلة" و سنوافيكم بآخر المستجدات فابقوا معنا.................................
في رواية أخرى صرح مصدر مسؤول (رفض ذكر اسمه أو لون ربطة عنقه) أن السبب الحقيقي لعدم (نشر) مقال "فهمي هويدي" في الأهرام هو أن الأهرام منطقة سياحية و ليس من المقبول (نشر) الغسيل على الحبال بين خوفو و خفرع و منقرع مما سيؤدي إلى تشويه الصورة الحضارية للمنطقة الأثرية................................
و في رواية ثالثة, صرح أحد كبار الصحفيين في مؤسسة الأهرام (الصحفية مش بتاعة المشاريب لا مؤاخذة) أن المقال لم يتم (نشره) لأن (المنشار) الموجود في المؤسسة اصبح (تلم) و لم ينجح في (نشر) المقال الذي كان (خشبه) قويا و سميكاً على ما يبدو.................................
نتكلم جد شوية (معلش استحملني يا فوزي همبكة)تحدث منذ قليل السيد حازم عبد الرحمن مدير تحرير الأهرام إلى برنامج العاشرة مساء على قناة دريم الفضائية و أكد على ما يلي:سبب منع مقال فهمي هويدي من النشر هو تحيزه -المقال و صاحبه- للإخوان (الجماعة المحظورة لا مؤاخذة) و أنه يروج و يسوق لفكرهم.و أشار أن منع المقال ليس قمعاً لحرية الرأي لكن لا يمكن التسامح مع هذه (الأفكار).و حين أخبرته المحاورة عن إمكانية قيام فهمي هويدي بنشر مقاله في جريدة أخرى أجاب ساخراً:ما حدش حيقراله لأن الأهرام بيقراها 5 أو 6 مليون قارئ يومياُ بينما أي جريدة (أخرى) لا يزيد عدد قرائها عن (ألف) أو أكتر!!!!مش بهجص و لا ببالغ ده الكلام اللي اتقال بالحرف.بغض النظر عن صحة أو خطأ وجهة نظر "فهمي هويدي" فما حدث من منع و من ثم تبرير (هزلي) هو استمرار للمساخر في الصحافة القومية..بس حابب أسأل مسيو حازم عبرحمن: تفتكر بجد كام واحد قرأ و سيقرأ مقال فهمي هويدي الممنوع من (النشر) لا مؤاخذة؟!!دم دم تك صحيح .. :).............................
تحديث: تم إدراج رابط المقال من جريدة الخليج (الإمارتية) و حذف و تعديل ما ترتب على توافره من التدوينة و قد وجب التنويه.تحديث
منقووووووووووووول من واحد مدون معرفوش

الأربعاء، ديسمبر ٢٠، ٢٠٠٦

الشيخ

ما بين التوربيني وطلبة الأزهر ............. فهمي هويدي

ما بين التوربيني وطلبة الأزهر ............. فهمي هويدي
بماذا تفسر أن تظل عصابة اغتصاب الأطفال وقتلهم ترتكب جرائمها البشعة في أنحاء مصر طوال سبع سنوات دون أن يشعر بها أحد، في حين ان بعض طلاب جامعة الأزهر لما قاموا باستعراض احتجاجي لمدة نصف ساعة أمام مكتب المدير، فإن استنفاراً إعلامياً فورياً حدث، روع الخلق في بر مصر، أعقبته ضربة أمنية قوية، أسفرت عن القبض على 41 شخصاً؟
(1)
من تابع الإعلام البريطاني خلال الأسبوعين الماضيين لابد أنه لاحظ أن الصحف ومحطات التلفزيون والإذاعة الخاصة والعامة شغلت بقضية سفاح مجهول قتل خمس مومسات في منطقة واحدة. وهو الحدث الذي هز بريطانيا واستنفر اجهزة الشرطة وخبراء البحث الجنائي وأساتذة علم النفس والاجتماع. وقد ذكرت صحيفة “التايمز” انه تم تجنيد ألفي ضابط وشرطي لملاحقة الفاعل، كما ان فريقاً من الخبراء والعلماء عكفوا على دراسة شخصيته من خلال الجرائم التي ارتكبها ونوعية النماذج التي اختارها والأهداف التي تحراها. ومن هؤلاء عالم النفس دايفيد كارتر الذي قال ان الرجل شديد الذكاء وبالغ الحذر، ورجح أن يكون مقتنعاً بأنه صاحب رسالة “تطهيرية”، وأن تكون دوافعه إلى ارتكاب جرائمه أخلاقية.
إذا قارنت هذا الاستنفار الأمني والمجتمعي الذي شهدته بريطانيا بالاسترخاء المفرط الذي تم التعامل به في مصر مع عصابة اغتصاب الأطفال وقتلهم، فسوف يجسد لك ذلك الفرق بين الجد والهزل، ذلك أنه يحق لنا أن نقول ان قتل 30 طفلاً وطفلة في ست محافظات مصرية، على أيدي عصابة واحدة خلال سبع سنوات متتالية، إذا لم يكن خَبَره قد وصل إلى علم أجهزة الأمن، فتلك مصيبة، لأنه يعني ان تلك الأجهزة لا ترى ولا تسمع بما يجري على أرض الواقع. أما إذا كانت قد علمت وغضت الطرف وسكتت فالمصيبة أعظم، لأنها في هذه الحالة تكون قد أهملت إهمالاً جسيماً أقرب إلى التستر على الجرائم، والاحتمال الأول عندي أرجح، لماذا؟
الإجابة المختصرة لأن أمر العصابة حين تم اكتشافه بالمصادفة البحتة، فإن أجهزة الأمن لم تقصر في متابعة القضية وكشف أبعادها، فقد علمنا من التقارير الصحافية أن أحد أفراد العصابة ألقي القبض عليه في مدينة طنطا بتهمة “التسول”. وحين تم اقتياده إلى الضابط المختص، فإنه طلب منه أن يحميه من زعيم العصابة الذي كان يترصده لقتله بسبب مشكلة بينهما، وإذ سأله الضابط عن علاقته بالزعيم وعن نشاط العصابة، فإن الفتى أفاض في المسألة واعترف ببعض الجرائم التي ارتكبت. وأرشد عن الأماكن التي ألقيت أو دفنت فيها جثث الضحايا. وكانت تلك هي الخيوط التي قادت إلى كشف المأساة وإلى اعتقال عناصرها، واحداً تلو الآخر.
(2)
هذا التراخي الملحوظ في الكشف عن جرائم العصابة، كان له نقيضه في حالة طلاب جامعة الأزهر، لأن الأعين التي نامت طوال السنوات السبع في الحالة الأولى، كانت مفتوحة عن آخرها وهي تتابع ما يجري داخل حرم الجامعة، خصوصاً الاعتصام الذي قام به بعض أولئك الطلاب أمام مكتب مديرها. وهو الاعتصام الذي دعوا إليه تعبيراً عن الاحتجاج ومحاولة من جانبهم للفت انظار الرأي العام لما تعرضوا له من مظالم، بدأت بمنعهم من الترشيح لانتخابات اتحاد الطلبة وانتهت بفصل ثمانية منهم. غير أن الأمور سارت في اتجاه مغاير، أو قل إنها قرئت على نحو آخر، بعدما نشرت صور لهم، بثتها إحدى المحطات التلفزيونية، وهم يمارسون لعبة “الكاراتيه” في حين ارتدوا ثياباً سوداء وغطوا وجوههم بأقعنة مماثلة، ووصفوا في خطاب الإثارة الإعلامي بأنهم “ميليشيا”!
قراءة الأجهزة الأمنية للحدث عبر عنها بيان “الداخلية” الذي صدر يوم الخميس 14/،12 واعتبر مسلك الطلاب “منعطفاً خطيراً” استهدف فرض اوضاع غير شرعية داخل الجامعة، عن طريق الحث على التظاهر والتحريض على الخروج للطريق العام، في محاولة للاخلال الجسيم بالنظام العام وانتهاك القانون.. الخ.
الطلاب عبروا عن رأيهم في بيان قالوا فيه إنهم أرادوا لفت الأنظار إلى قضيتهم، بعد مسلسل المظالم التي تعرضوا لها من قبل الأجهزة الأمنية وإدارة الجامعة. “وإن ما دفعنا إلى إجراء العرض التمثيلي ناتج عن شعورنا بأن أحداً لا يسمع صوتنا، ولا يتحرك من اجل المطالبة بحريتنا داخل الجامعة.. ولكننا اخطأنا في تقدير حركتنا، ولهذا وجب علينا الاعتذار لجامعتنا وأساتذتنا وزملائنا عن العمل الذي قمنا به”.
حين سألت من اعرف من اساتذة الجامعة عن حقيقة ما جرى، قالوا إن الطلاب المعتصمين لجأوا إلى شغل الوقت من خلال تقديم بعض العروض، فكان منها ما هو خطابي وما هو تمثيلي أو رياضي، والصور التي نشرت لفقرة قدمها طلاب التربية الرياضية بالجامعة.
رغم أن ما سمعته صور ما جرى بحسبانه فقرة عادية لم يكن لها علاقة بأي شكل من اشكال العنف أو أدواته، إلا أن أحداً لا ينكر أن الفقرة لم تكن عادية وأن الاستعراض أياً كانت تسميته جاء ساذجاً وغبياً، وفتح الباب واسعاً للقلق والمخاوف، خصوصاً أن الطلاب ظهروا فيه بأردية وأقنعة سوداء، قَلّدوا بها شباب الانتفاضة في الأراضي المحتلة.
لقد تحول المشهد إلى قضية يفترض أن يحسم القضاء أمرها، بما يحدد صواب أي من الرؤيتين أو خطأها، لكن المراقب لا يسعه في هذا الصدد إلا أن يسجل أن حملة التصعيد والإثارة التي واكبت المشهد، بدا فيها الخطاب الإعلامي منحازاً إلى التحريض والإثارة، ومتبنياً للقراءة الأمنية دون غيرها.
(3)
هل هناك علاقة بين قضية عصابة “التوربيني” هكذا سمي زعيمها وبين قضية طلاب جامعة الأزهر؟ ردي على السؤال أن ثمة علاقة غير مباشرة، من أكثر من زاوية، فمن ناحية نجد في عصابة قتل الأطفال بعد اغتصابهم بعضاً من سمات “مصر الأخرى”، التي لا تذكر في وسائل الإعلام إلا في صفحات الحوادث، ولا يشار إليها إلا مرتبطة بالكوارث والجرائم، وهي العالم الآخر الذي يقبع في المساحة المظلمة من صورة المجتمع، التي تخفي واقعاً عشوائياً تغيب عنه السلطة، وتكاد تحكمه شريعة الغاب، ولأن أهله هم ضحايا الفقر والبطالة وإهمال الدولة واستعلاء النخبة، فلا غرابة أن يصبح موطنا للجريمة والرذيلة ومختلف تجليات التحلل الاجتماعي. ولك أن تذهب إلى ابعد وتقول إن ما اقدمت عليه العصابة إذا كان قد صدم المجتمع المصري وأثار اشمئزاز وقرف كل شرائحه، إلا أنه ليس غريباً ولا مفاجئاً تماماً. ذلك أن تقارير منظمات حقوق الإنسان، التي تسجل الانتهاكات التي يتعرض لها البشر، إذا اوقعتهم حظوظهم البائسة في ايدي من لا يرحم في المخافر والسجون والمعتقلات، لا تخلو من إفادات من هذا القبيل تتراوح بين هتك العرض والقتل البطيء (هل تذكر شريط الصور الذي سجل هتك عرض احد المواطنين في مخفر الشرطة بحي امبابة؟) الأمر الذي يعني عند التحليل الأخير أن الاختلاف بين هذه الممارسات وتلك، هو في الدرجة فقط وليس في النوع.
وإذا كانت العصابة رمزاً لحالة اجتماعية بائسة طفحت على جسم مصر الأخرى، فإن ما أقدم عليه أولئك النفر من طلاب جامعة الأزهر يرمز إلى حالة من الاحتقان السياسي الذي ينبغي أن تفهم أبعاده ويدرك سياقه. صحيح أن هذا السلوك شاذ وغريب على جامعاتنا، لكن من الصحيح أيضاً أن الباحثين المنصفين لا يختلفون حول الظروف التي استدعته وأفرزته، حيث لا مفر من الإقرار بأن هذا السلوك الشاذ نتاج ظروف شاذة مماثلة. إن شئت فقل إن الإسراف في التعبير عن الاحتجاج والغضب، هو رد فعل مباشر للإسراف في قمع الطلاب والتدخل الأمني في شؤون الجامعات. وهو ما دفع كاتباً نزيهاً مثل الدكتور عمرو الشوبكي إلى القول انه “إذا حوسب المسؤول عن ادخال البلطجية إلى جامعة عين شمس (لقمع الطلاب الذين حرموا من الترشيح فلجأ إلى اقامة اتحاد حر مواز)، فلابد أن نحاسب الميليشيات الطلابية السوداء على ما فعلته في جامعة الأزهر، برعونة لا تعي خطورتها” (المصري اليوم 14/12).
(4)
في “أحلام فترة النقاهة” الحلم رقم 203 التي تطبعها الآن “دار الشروق” مكتملة، كتب الاستاذ نجيب محفوظ يقول: رأيتني أقرأ كتاباً وإذا بسكارى رأس السنة يرمون قواريرهم الفارغة، فتطايرت شظايا، وينذرونني بالويل، فجريت إلى أقرب قسم شرطة. ولكني وجدت الشرطة منهمكة في حفظ الأمن العام، فجريت إلى فتوة الحي القديم، وقبل أن انتهي من شكواي هب هو ورجاله وانقضوا على الخمارة التي يشرب فيها المجرمون، وانهالوا عليهم بالعصي حتى استغاثوا بي!
المعنى الذي أراد نجيب محفوظ توصيله أن “الأمن العام” في مفهوم رجال الشرطة ليس هو أمن الناس أو المجتمع، ولكنه أمن النظام، وعلى الناس أن يدركوا هذه “الحقيقة” وأن يتصرفوا على هذا الأساس. وملاحظته هذه صائبة وتفسر لنا المفارقة التي نحن بصددها، حيث لم تنتبه الشرطة إلى عمليات القتل التي مارستها عصابة التوربيني طوال السنوات السبع التي خلت، لأنها كانت منشغلة ب”الأمن العام” المتمثل في متابعة النشطاء السياسيين، الأمر الذي يجسد الاهتمام بالأمن السياسي دون الأمن الاجتماعي.
هذا التفسير رددته بعض التحليلات التي نشرتها صحف المعارضة، حتى اصبح امراً متعارفاً عليه ومسلماً به. ناهيك عن ان شواهد الواقع تؤيده. والانطباع السائد في المجتمع المصري الآن أن اغلب مخافر الشرطة اصبحت تستقبل بفتور وعدم اكتراث أي بلاغ تتلقاه حول قضية جنائية أو مدنية، لكنها تستنفر وتهرول، إذا كانت القضية سياسية أو كان البلاغ يشكك في وجود رائحة للإرهاب في أي مكان.
ليس ذلك فحسب، وإنما بات مستقراً في أوساط الشرطة أن كفاءة الضابط أو القيادي، ومن ثم ارتقاءه واستمراره، ذلك كله يقاس بمدى الانجاز الذي يحققه في ملاحقة واجهاض العمليات الإرهابية، فضلاً عن كفاءته في “التعامل” مع الإرهابيين بالأسلوب “المناسب”. وهو ما يدفع رجال الأمن إلى التفاني في اتجاه والتراخي في الاتجاه الآخر، وفي ظل ذلك الوضع فلا يستغرب ألا ترصد ممارسات عصابة “التوربيني”، بينما تسلط الأضواء القوية على ممارسات طلاب الجامعة، إذاً بحكم ذلك المنطق، فإنه من حسن حظ الرجل وعصابته أنهم ليسوا في عداد “الإرهابيين”، حيث لم يفعلوا أكثر من أنهم اغتصبوا وقتلوا 30 طفلاً فقط.
أعرف صديقاً من أنصار نظرية المؤامرة، لاحظ المفارقة في موقفي أجهزة الأمن في القضيتين، فحاول إقناعي بأن المبالغة في تضخيم ما جرى في جامعة الأزهر ليست سوى فرقعة أريد بها ضرب عصفورين بحجر واحد، إذ من شأن الفرقعة أن تصرف الانتباه عن الفشل الأمني في ضبط عصابة التوربيني في الوقت المناسب، كما أنها تشكل غطاء مناسباً لتوجيه ضربة اجهاضية واستباقية تؤدب المشاغبين وتردعهم بعد تزايد الصداع الذي يسببونه للنظام في الآونة الأخيرة.
إلى هذا المدى ذهب البعض في التأويل والاستنتاج.

الثلاثاء، ديسمبر ١٩، ٢٠٠٦

محمد حسين يعقوووووب الشريط الثالث

http://www.islamway.com/?iw_s=outdoor&iw_a=outlessons&lesson_id=49942

الأندلس من الفتح إلي السقوط - (5) عهد الولاة ج1

يبدأ عهد الولاة بعد رجوع موسى بن نصير و طارق بن زياد سنة 96 هـ و يستمر حتى سنة 138هـ.استمر عهد الولاة حوالي 42 سنة. و كان يتولى حكم الأندلس في هذه الفترة والياً يتبع الحاكم العام للمسلمين و هو الخليفة الأموي الموجود في بلاد الشام في دمشق و كان سليمان بن عبد الملك في أول عهد الولاة ثم توالى من بعده الحكام في بني أميّة : عمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك و هكذا إلى آخر الدولة الأموية.· كان أول الولاة هو عبد العزيز بن موسى بن نصير بأمر من سليمان بن عبد الملك رحمه الله و كان كأبيه في جهاده و في تقواه و في ورعه كما كان يقول عنه ابوه عرفته صوّاماً قوّاماً) و كان مجاهداً في سبيل الله و وطّد الأركان بشدة في منطقة الأندلس و توالى من بعده الولاة.· تولى 22 والي في خلال فترة عهد الولاة التي استمرت 42 سنة أو 20 والي و منهم 2 تولوا مرتين فيصبح 22 فترة حكم خلال 42 سنة أي أنّ كل والي لا يحكم إلاّ سنتين أو ثلاث.مما لا شك فيه أنّ هذا التغيير قد أثّر على بلاد الأندلس تأثيراً سلبياً. و لكن كان الولاة يستشهدون في سبيل الله أثناء جهادهم في بلاد فرنسا.أمّا في الفترة الثانية من عهد الولاة فكان الولاة يغيّرون بالمكائد و الإنقلابات و المؤامرات و ما إلى ذلك.أي أنّ الفترة الأولى تختلف بالكليّة عن الفترة الثانية. و نستطيع أن نقسم فترة عهد الولاة إلى فترتين رئيسيتين بحسب طريقة الإدارة و طريقة الحكم.الفترة الأولى :هي فترة جهاد و فتوح و عظمة للإسلام و المسلمين و هي فترة تمتد من سنة 96 هـ إلى سنة 123 يعني 27 سنة.الفترة الثانية :و هي فترة ضعف و مؤامرات و مكائد و ما إلى ذلك فتستمر من سنة 123 هـ إلى سنة 138 هـ يعني 15 سنة.سنقف على بعض الولاة لما لهم من الأهمية.تميزت الفترة الأولى من عهد الولاة بنشر الإسلام في بلاد الأندلس بعد أن تمكن المسلمون من توطيد أركان الدولة في بلاد الأندلس بدأ المسلمون يعلمون الناس الإسلام. و كانت الفطرة السوية للناس عندما تعرف هذا الدين تختاره بلا تردد.· وجد الأسبان في هذا الدين ديناً متكاملاً شاملاً ينظم كل أمور الحياة و وجدوا في هذا الدين عقيدة واضحة و عبادات منتظمة و تشريعات في السياسة و الفقه و في التجارة و الزراعة و المعاملات و وجدوا التواضع الكبير جداً للقادة و وجدوا تفاصيل كيف تعامل والديك و زوجتك و أبناؤك و جيرانك و أقرباؤك و أصدقاؤك و كيف تعامل من تعرف و من لا تعرف و كيف تتعامل مع عدوك و أسيرك.· لقد تعود الأسبان فصلاً كاملاً بين الدين و الدولة فالذين عندهم بعض المفاهيم اللاهوتيه الغير مفهومه الذين يأخذونها و لا يستطيعون أبداً تطبيقها، أمّا التشريعات فيشرّعها لهم من يحكمهم من الناس. أمّا في هذا الدين فقد وجدوا الأمر مختلف، فلم يستطيعوا أبداً التخلف عن الإرتباط بهذا الدين فدخلوا في الإسلام أفواجا، و أصبح عموم أهل الأندلس من المسلمين في فترة قليلة جداً حتى أنّ غالبية السكّان كانت من أهل الأندلس الأصليين و أصبح العرب و البربر قلة، لكن لم يغير هذا أبداً الحكم في الأندلس بل أصبح أهل الأندلس هم جند الإسلام و أعوان هذا الدين و هم الذين اتجهوا بعد ذلك إلى فتوحات بلاد فرنسا.· بدأ المسلمون يتزوجون من الأندلسيات و نشأ جيل جديد عرف باسم جيل المولّدين : الأب عربي أو بربري و الأم أندلسيّة.· بدأ المسلمون يلغون الطبقيّة فقد جاء الإسلام و ساوى بين الناس حتى كان يقف الحاكم و المحكوم سواءاً بسواء للتحاكم في المظالم أمام القضاة.· أتاح المسلمون في هذه الفترة الحريّة العقائدية للناس و تركوا للنصارى كنائسهم، أمّا إذا وقفوا على بيع كنيسة من الكنائس اشتراها المسلمون و أحياناً كانوا يشترونها بأثمان باهظة و كانوا يحولونها بعد ذلك إلى مساجد، أمّا إن رفض النصارى بيع كنائسهم تركوها لهم و ما هدموها أبداً (كل ذلك و هم محكومون من قبل المسلمين). انظر إلى هذا الأمر و قارن بين ما يفعله المسلمون في آخر عهد الأندلس فيما عرف باسم محاكم التفتيش الأسبانيّة بعد انتهاء الحكم الإسلامي في بلاد الأندلس.· اهتم المسلمون أيضاً في هذه الفترة بتأسيس الحضارة الماديّة و الإدارة و العمران و نشر الكباري و القناطر:أنشأوا قنطرة عجيبة جداً تسمى قنطرة قرطبة و هي من أعجب القناطر الموجودة في أوروربا في ذلك الزمان.أنشأوا دياراً كبيرة للأسلحة و صناعة السفن و بدأت الجيوش الإسلاميّة تقوى في هذه المنطقة.· من السمات المميّزة أيضاً في هذه الفترة أن الأسبان بدأوا يقلدون المسلمين في كل شيء حتى أصبحوا يتعلمون اللغة العربية و بدأ الأسبان النصارى و اليهود يفتخرون بتعليم اللغة العربييّة في مدارسهم.· و من السمات المميزة أيضاً لهذه الفترة أنهم اتخذوا قرطبة عاصمة لهم، حيث كانت طليطلة هي عاصمة الأندلس و لكنها كانت في الشمال و هي قريبة من فرنسا و من منطقة الصخرة فكانت غير آمنة أن تكون هي العاصمة، فاختار المسلمون مدينة قرطبة في اتجاه الجنوب حتى تكون قريبة من المدد في بلاد المغرب.· من السمات المميزة جداً جداً في هذه الفترة الأولى من عهد الولاة هو الجهاد في فرنسا و قد كانت له خطرات كبيرة جداً في هذه الفترة و نذكر بعض الولاة الذين كان لهم السبق في الجهاد في هذه الفترة منهم:السمح بن مالك الخولاني رحمه الله و هو والي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه و أرضاه، و قد حكم عمر بن عبد العزيز المسلمين في الفترة ما بين 99 هـ و 101 هـ أي سنتان و ستة أشهر على الأكثر و في هذه الفترة القليلة عمّ الأمن و الرخاء و العدل في بلاد المسلمين، و كانت اختيارات عمر بن عبد العزيز تشبهه رحمه الله فاختار السمح بن مالك الخولاني هذا القائد الربّاني المشهور في التاريخ الإسلامي و هو القائد الذي انطلق إلى بلاد فرنسا.كان بفرنسا مدينة إسلاميّة واحدة و هي مدينة أربونة التي فتحها موسى بن نصير بسريّة من السرايا لكن السمح بن مالك الخولاني فتح كل منطقة الجنوب الغربي لفرنسا و أسّس مقاطعة ضخمة جداً هي مقاطعة سبتمانيا.استكمل الفتح و أرسل يعلم الناس الإسلام ثمّ لقي ربّه شهيداً و كان استشهاده يوم عرفة سنة 102هـ.تولى بعده بعض الولاة حتى نصل إلى :عنبسة بن سحيم رحمه الله و كان قائداً تقياً ورعاً و هو الإداري العسكري المسلم المشهور في التاريخ الإسلامي. كان مجاهداً حق الجهاد و قد حكم بلاد الأندلس من سنة 103 هـ إلى سنة 107 هـ و وصل في جهاده إلى مدينة سانس و هي على بعد 30 كم من باريس في أقصى شمال فرنسا، فباريس العاصمة ليست في وسط فرنسا و لكنها في أقصى شمال فرنسا و يعني هذا أنّ عنبسة بن سحيم قد وصل إلى 70% من أراضي فرنسا. أي أن 70% من أراضي فرنسا كانت بلاداً إسلاميّة. و استشهد عنبسة بن سحيم و هو في طريق عودته.ثم بدأت الأمور في التغير.· فتولى مجموعة من الولاة بعد عنبسة بن سحيم الخولاني كان آخرهم يسمى الهيثم الكلابي و على غير عادة السابقين كان هذا الرجل متعصباً لقومه و قبيلته و كان عربياً.· بدأت تحدث خلافات بين المسلمين العرب و المسلمين البربر بحسب العرق و بحسب العنصر و هو أمر لم يحدث من قبل في بلاد المسلمين في هذه المناطق حتى هذه اللحظة.· دارت معارك و مشاحنات بين المسلمين العرب و بين المسلمين البربر حتى منّ الله سبحانه و تعالى على المسلمين برجل اسمه :عبد الرحمن الغافقي رحمه الله :· الذي ألغى العصبيات و أعاد الدين من جديد و وحّد الصفوف و بدأ يبث في الناس روح الإسلام الأولى التي جمعت بين البربر و بين العرب و التي لم تفرق بين عربي و لا أعجمي إلا بالتقوى.· بعد أن وحّد عبد الرحمن الغافقي الناس و ظنّ أنّ القوة قد اكتملت في الإيمان، أخذ الناس و اتجه ناحية فرنسا ليستكمل الفتوح من جديد و دخل إلى مناطق لم يدخلها السابقون فدخل أقصى غرب فرنسا و أخذ يفتح المدينة تلو المدينة ففتح مدينة آرل ثمّ مدينة بودو ثمّ مدينة طلوشة ثم مدينة تور ثمّ وصل إلى بواتيه و هي المدينة التي تسبق باريس مباشرة و الفارق بينها و بين باريس حوالي 100 كيلومتر إلى غرب باريس. و مدينة بواتيه على بعد 1000 كيلومتر من قرطبة يعني أنّه توغّل كثيراً جداً في بلاد فرنسا في اتجاه الشمال الغربي.عسكر في مدينة بواتيه عند منطقة تسمى البلاط، و البلاط في اللغه الأندلسية تعني القصر. و كان بهذه المنطقة قصراً قديماً مهجوراً عسكر عنده عبد الرحمن الغافقي و بدأ ينظم في جيشه ليلاقي جيش النصارى.· كانت حملة عبد الرحمن الغافقي هي أكبر حملة تدخل إلى بلاد فرنسا و كانت تصل إلى 50 ألف مقاتل.· كانت هناك مشكلة كبيرة جداً في حملة عبد الرحمن الغافقي، و هي أنّ هذه الحملة كانت تفتح المدينة تلو المدينة و تجمع الغنائم فكثرت الغنائم جداً في أيدي الرجال.بدأ المجاهدون ينظرون إلى هذه الغنائم و يفتنون بهذه الأموال الضخمة التي حصلوا عليها. و اشتهرت بين الناس فكرة : هو أن نعود إلى بلاد الأندلس و نضع هذه الغنائم هناك حتى لا يأخذها منّا الفرنسيون، لكن عبد الرحمن الغافقي رحمه الله جمع الناس و قال: ما جئنا من أجل هذه الغنائم و ما جئنا إلا لتعليم هؤلاء الناس هذا الدين و لتعبيد العباد لرب العباد سبحانه و تعالى و أخذ يحفز الجيش على الجهاد في سبيل الله و أخذ الجيش و انطلق إلى بواتيه برغم أنف الجنود.عندما وصل إلى بواتيه ظهرت أمور جديدة في الجيش، فقد تجددت من جديد العصبيات التي كانت قائمة بين العرب و البربر بسبب كثرة الغنائم. و اختلفوا في توزيع الغنائم و أخذ كل واحد ينظر إلى ما بيد أخي، فقال العرب أنهم أحق لأفضليتهم ، و قال البربر: نحن الذين فتحنا البلاد و نسي الجميع أن الفاتحين الأوائل لم يفرقوا أبداً بين العرب و البربر بل و بينهم و بين من دخل الإسلام من الأندلسيين.· اجتمعت العصبيّة و اجتمع الحرص على الغنائم كما اجتمع إلى جوار ذلك الإعتداد بالعدد الضخم فرقم 50 ألف مجاهد لم يسبق في تاريخ الأندلس. فأخذتهم العزة بهذا الرقم و ظنّوا أنّهم لن يغلبوا و من جديد (حنين جديده) " و يومئذ إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئاً، و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليّتم مدبرين" فالمسلمون لم ينتصروا أبداً بعدتهم و عتادهم و لكن كانوا ينتصرون بطاعتهم لله و معصية عدوهم لله سبحانه و تعالى. و للأسف الشديد مع وجود هذا القائد الربّانيّ التقيّ الورع إلا أنّه كانت توجد عوامل هزيمة كثيرة داخل جيش المسلمين.· يأتي جيش النصارى من باريس على رأسه رجل يسمى تشارل مارتل و يلقبونه في العربيّة بقارلة فيقال على تشارل أنه "قارله" و مارتل هو لقب و تعني المطرقة و سمّاه بهذا الإسم بابا إيطاليا لأنّه كان شديداً على أعدائه و كان من أقوى حكّام فرنسا على الاطلاق. و أتى بـ 400 ألف مقاتل من النصارى أي 8 أضعاف الجيش المسلم.· لم تكن تهز هذه الأرقام الفاتحون الأوائل أبداً و لكن جيش المسلمين فيه عوامل ضعف عديدة و جيش النصارى ضخم و كبير و تبعد هذه المنطقة 1000 كيلومتر عن قرطبة أي أنّهم بعيدون جداً عن المدد.· و التقى الجيشان في موقعة من أشرس المواقع الإسلامية على الإطلاق في منطقة بواتيه و استمرّت الموقعة 10 أيّام كاملة و كانت في رمضان سنة 114 هـ و كانت الغلبة في البداية للمسلمين على قلة عددهم لكن النصارى في نهاية الموقعة فطنوا إلى كمية الغنائم الضخمة المحملة في خلف الجيش الإسلامي فالتفوا حول الجيش و هاجموا الغنائم و بدأوا يسلبوا غنائم المسلمين فارتبك المسلمون و أسرعوا ليحموا الغنائم الكثيرة فحدث ارتباك شديد في صف المسلمين و حدثت هزّة أدّت إلى هزيمة للجيش الإسلامي في هذه الموقعة –موقعة بواتيه- أو موقعة بلاط الشهداء.· لم تذكر الروايات الإسلاميّة عدد الشهداء في هذه الموقعة و لكنّ الروايات الأوروبيّة تبالغ كثيراً في أعداد الشهداء في هذه الموقعة لدرجة أنّ بعض الروايات تذكر أنّ من قتل من المسلمين فيها يبلغ 375 ألف مسلم و هو رقم مبالغ فيه جداً حيث أنّ جيش المسلمين لم يتعدّ 50 ألف.· يقول الأوروبيون في رواياتهم أنّه لو هزم المسلمون الفرنسيين في موقعة بلاط الشهداء لفتحت أوروبا جميعاً و لدّرس القرآن في جامعات أوكسفورد و غيرها من الجامعات الأوروبيّة. و الله كانت تعاسة لهم أن أنهزم المسلمين و لو انتصروا لانتشر الخير في هذه البلاد و لكن ظلوّا في ضلالتهم و ظلوّا في غيهم يعبدون غير الله و يشركون به سبحانه و تعالى.· انسحب جيش المسلمين، و مع أنهم انهزموا وانسحبوا إلاّ أنّها لم تكن هزيمة ساحقة كمّا صوّرها جيش النصارى حتى أن جيش النصارى لم يتبع جيش المسلمين إلى بلاد الأندلس بل اكتفوا بما أخذوه من الغنائم و ما قتلوه من القتلى.وقفة مع موقعة بلاط الشهداء:يقول الله تعالى:" يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا و لا يغرنكم بالله الغرور".اغترّ المسلمون بهذه الدنيا التي فتحت عليهم. عن عمر بن عوف الأنصاري رضي الله عنه يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :" فوالله ما الفقر أخشى عليكم و لكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم"..... رواه البخاري و مسلم.انظر إلى كلام الرسول صلى الله عليه و سلم للمسلمين إن فتحت الدنيا عليهم فيتنافسونها كما تنافسها السابقون فتهلكهم هذه الدنيا كما أهلكت السابقين فهذه من سنن الله سبحانه و تعالى في الكون..أمر آخر من عوامل الهزيمة و هو العنصريّة و العصبيّة القبليّة التي كانت بين العرب و بين البربر في هذه الموقعة.شاهد الفرنسيون أثر الخلاف الذي نشأ بين العرب و بين البربر و أدّى إلى هزيمة المسلمين، و وعت الكتب الفرنسيّة هذا الأمر و ظلّت تحفظه على مدار التاريخ حتى مرّت الأيّام و مرّت السنوات و دخلت فرنسا في بلاد الجزائر و احتلت الجزائر من سنة 1830 و حتى سنة 1960 و لما قامت الحركات الاستقلاليّة سنة 1920 فكرت فرنسا في عدة خطوات للقضاء على هذه الحركات الاستقلاليّة، فضربت العرب بالبربر فبدأت تشيع في داخل البربر أنكم قريبون من العنصر الآري و هو العنصر الأوروبي و بعيدون عن العنصر السامي و هم العرب حيث أنّ بشرتهم بيضاء و عيونهم زرقاء و شعورهم صفراء على غير ما يتخل الناس من وصف البربر.طبعاً الإسلام لا يفرق بين هذه العناصر و بعضها إلا بالتقوى.كان البربر يتمسكون بلغتهم العربية على مدار الأيام ، لكنّ فرنسا بدأت تكثف من تعليم اللغة الفرنسية في مناطق البربر و منعت تعليم اللغة العربية حتى يفصلوا البربر عن العرب في منطقة الجزائر،و لكنها لم تفلح في تحويل ديانة البربر الإسلاميّة الأصيلة إلى النصرانيّة أبداً فظلوا على إسلامهم و إن كانت اللغة قد تغيّرت.و لكن عندما بدأت فرنسا بهذا الأمر بدأت تذكي اللغة البربريّة في اللغة المنفردة لهذه القبائل في هذه البلاد فبدأت تعلم اللغة الأمازيغيّة.فالبربر الذين يعيشون في منطقة الجزائر تسمى قبائل الأمازيغ و لهم لغة خاصة بهم و هم يمثلون 15% من شعب الجزائر. حتى أن فرنسا أنشأت عام 1967 أكاديمية لتعليم اللغة الأمازيغيّة و بدأت تكتب اللغة الأمازيغية بحروف لاتينية فاللغة الأمازيغية لغة منطوقة و ليست مكتوبة. و بدأت فرنسا في اجتذاب الشباب من البربر لتعلمهم اللغة الأمازيغيّة في فرنسا، و بدأت تحذف الكلمات العربية من اللغة البربرية.أنشأت فرنسا عام 1998 الأكاديمية العالمية للبربر فبدأت تجمع البربر من مناطق المغرب العربي و تعلمهم اللغة الخاصة بهم و كل ذلك لفصل العرب عن البربر، وتفصل عن الأذهان أن هذه الجموع ما هي إلا جموع إسلاميّة.و في نفس هذا الوقت رفضت فرنسا المشروع الذي تقدم به جوسبان رئيس وزراء فرنسا سنة 1999 لشيراك بإقرار بعض اللغات المحلية داخل فرنسا و قال له إنك بهذا تريد بلقنة فرنسا أي جعلها كدول البلقان و هي بلاد متفرقة بحسب العرق و بحسب العنصر.

الأندلس من الفتح إلي السقوط - (4 ) - التقاء طارق بن زياد بموسى بن نصير

العيد السابق كان يوماً من أيام وادي برباط ، هذا العيد فتحت فيه مدينة مردة العظيمة و صالح أهلها على الجزية.يرسل موسى بن نصير إبنه عبد العزيز ليفتح مناطق أكثر ناحية الغرب فتوغّل في الغرب و هو رجل تربّى على الجهاد، فهو كأبيه و فتح كل غرب الأندلس في فترات قليلة معدودة و هذه المناطق هي دولة البرتغال الآن و لشبونة و شمال لشبونة.إذن دخول موسى بن نصير و دخول إبنه عبد العزيز كان دخولاً تكتيكيا لمساعدة طارق بن زياد.ذكرت بعض الكتب أنه لمّا التقى موسى بن نصير مع طارق بن زياد أمسك به و عنّفه و وبّخه بل قيدّه بل ضربه بالسوط و أبداً لم يحدث مثل هذا الكلام فلم تأتي هذه الروايات إلاّ في الروايات الأوروبيّة فقط. لكنّ الذي حدث بالفعل أنّ موسى بن نصير قد عنّف طارق بن زياد على معصيته في عدم البقاء في قرطبة. أو جيّان و الاستمرار حتى طليطلة. لكنّه كان نعنيفاً بسيطاً و كان لقاءاً حاراً بين الزعيمين منذ رمضان سنة 92 هـ و لم يلتقيا إلاّ في ذو القعدة سنة 94 من الهجرة.أي أن الحملة التي قادها طارق بن زياد أخذت عاماً كاملاً حتى وص إلى طليطلة و الحملة التي قادها موسى بن نصير أخذت عاماً كاملاً حتى وصل أيضاً إلى طليطلة ليقابل طارق بن زياد.اجتمعا سوياً و اتجها سوياً إلى فتح منطقة الشمال و الشمال الشرقي و الشمال الغربي.مرّا على سبيل المثال في الفتح بمنطقة برشلونة و فتحاها سوياً (نحن لا نعلم عن برشلونة إلا فريق كرة القدم)، و حكماها بحكم الله سبحانه و تعالى.انظر إلى الهمم العالية للأجداد السابقين للمسلمين. فتحوا مدينة سرقسطة أعظم مدن الشمال الشرقي و اتجها سوياً إلى منطقة شمال الوسط ثمّ إلى شمال الغرب.يرسل موسى بن نصير سرية خلف جبال البرينيه و هي الجبال التي تفصل بين فرنسا و الأندلس أي أنها تقع في الشمال الشرقي من بلاد الأندلس. عبرت هذه السرية جبال البرينيه حتى وصلت إلى مدينة تسمّى مدينة أربونة و تقع هذه المدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط و أسّس نواة لمقاطعة إسلاميّة سوف تكبر مع الزمان كما سيأتي.أي أنّ سرية واحدة فقط هي التي فتحت بلاد فرنسا، ذهبت و فتحت مدينة كبيرة في جنوب غرب فرنسا. ( و من ضمن مناطق فرنسا التي فتحها المسلمون منطقة تدعى الآن الريفييرا تخيّلوا).اتجّه بجيشه إلى الشمال الغربي حتى وصل بجيشه إلى آخر مناطق الشمال الغربي، كل هذا و المدن تفتح للمسلمين حتى انتهى من فتح كل بلاد الأندلس في ثلاث سنوات و نصف.بقيت آخر منطقة من مناطق الشمال الغربي و هي منطقة الصخرة أو صخرة بيليه و هي تقع على خليج بسكاي و هو يقع على المحيط الأطلنطي.لم يستطع المسلمون أن يفتحوا هذه المنطقة في أقصى الشمال الغربي و حاصروها حصاراً طويلاً و كان موسى بن نصير رحمه الله يريد أن يكمل فتح هذه الصخرة، لكن وصلته رسالة عجيبة في هذه المنطقة !!!!!!!!!وصلته رسالة من أقصى بلاد المسلمين من دمشق من أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك يطلب أن يعود موسى بن نصير و طارق بن زياد أدراجهما إلى دمشق و لا يستكملا الفتح.حزن موسى بن نصير جداً من هذا الطلب العجيب في ذلك الوقت.كان الوليد بن عبد الملك هو المسئول عن كل هذه الأطراف الواسعة من بلاد المسلمين و كان يشغله هم هذه المناطق النائية، كان قد رأى أنّ المسلمين قد توغلوا كثيراً في بلاد الأندلس في وقت قليل. و خشي رحمه الله أن يلتفّ النصارى من جديد حول المسلمين. فإن قوة المسلمين مهما تزايدت في هذه البلاد فهي قليلة. فلا يريد أن يتوغل المسلمون أكثر من هذا.لكنّ هناك أمر آخر عجيب قد سمعه الوليد بن عبد الملك و هو أمر صحيح و لذلك أصّر على إستجلاب كل من موسى بن نصير و طارق بن زياد إلى دمشق. كان من الممكن أن يوقف الفتوح دون عودة موسى بن نصير و طارق بن زياد، لكن لماذا استدعاهما إلى دمشق؟لقد وصل إلى علمه أنّ موسى بن نصير يريد بعد أن يفتح بلاد الأندلس أن يفتح كل بلاد أوروبا حتى يصل إلى القسطنطينيّة من الغرب.كانت مدينة القسطنطينيّة قد استعصت على المسلمين من الشرق و كثيراً ما ذهبت جيوش الدولة الأموية إلى القسطنطينيّة و لم تفتحها.كان موسى بن نصير يفكر أن يفتح فرنسا ثم إيطاليا ثم يوغوسلافيا ثم رومانيا ثم بلغاريا ثم منطقة تركيا حتى يصل إلى القسطنطينيّة. يريد أن يتوغل بالجيش الإسلامي في قلب أوروبا منقطعاً عن كل مدد. أرعب هذا الأمر الوليد بن عبد الملك فلو احتاج هذا الجيش إلى مدد سيكون المدد على بعد شهور من الجيش و يفصل بينه و بين بلاد المسلمين بحار و جبال و أراضي واسعة فخشي الوليد بن عبد الملك على جيش المسلمين من الهلكة.لكن انظر إلى الهمّة العالية التي كانت عند موسى بن نصير و كان عندما يفكر في هذه الأفكار كان يبلغ من العمر 75 سنة و بالرغم من ذلك يركب الخيول و يجاهد في سبيل الله و يفتح المدينة تلو المدينة و يحاصر أشبيليّة شهوراً و يحاصر مرده شهوراً ثم يفتح برشلونة و سرقسطة و الشمال الشرقي ثمّ يتجه إلى الشمال الغربي و يتجه إلى الصخرة ثمّ يريد أن يفتحها و يتجه إلى فرنسا و إيطاليا و غيرها حتى يصل إلى القسطنطينيّة.. أي همّة هذه هي التي عند هذا الشيخ الكبير. كان قد بدأ فتح إفريقيا و قد تجاوز سن المعاش في زماننا هذا.يحزن موسى بن نصير حزناً شديداً على أمر الوليد بن عبد الملك له بتركه أرض الجهاد و كان متشوقاً جداً إلى الجهاد و كان يتعرض للشهادة. و كان حزنه شديداً لأنّ الصخرة لم تفتح بعد، و كان حزنه شديداً لأنه لم يستكمل حلم فتح القسطنطينيّة من قبل الغرب. و لكنّه لم يجد إلاً أن يسمع و يطيع الوليد بن عبد عبد الملك فأخذ طارق بن زياد و عاد أدراجه إلى دمشق و عندما وصل، وجد الوليد بن عبد الملك في مرض الموت و تولىّ الخلافة بعده سليمان بن الملك و كان من نفس رأي أخيه في استبقاء موسى بن نصير في دمشق خوفاً على هلكة جيش المسلمين.كان سليمان بن عبد الملك لعدها ذاهباً للحج و كان موسى بن نصير مشتاقاً للحجّ فقد عاش في أرض الجهاد في شمال أفريقيا و بلاد الأندلس أكثر من 10 سنين بعيداً عن دمشق. رافق موسى بن نصير سليمان بن عبد الملك إلى الحجّ عام 97 من الهجرة و في الطريق قال: (اللهم إن كنت تريد لي الحياة فأعدني إلى أرض الجهاد و أمتني على الشهادة و إن كنت تريد لي غير ذلك فأمتني في مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم).ذهب موسى بن نصير إلى الحجّ و بعد حجه و في طريق عودته مات في في مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم و دفن مع صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم.انظر إلى حسن الخواتيم بحب الله سبحانه و تعالى و انظر إلى ما قدم في حياته حتى يصل إلى هذه المرتبة العظيمة أن يكون موصولاًَ بربه سبحانه و تعالى.انقطعت أخبار طارق بن زياد كلية عند هذه المرحلة عند عودته إلى دمشق مع موسى بن نصير و هل عاد مرة أخرى إلى الأندلس أم بقي في دمشق.لم تفتح منطقة الصخرة و ظل فيها طائفة من النصارى و تهاون المسلمون في فتحها و أغلب الظن أنّه لو كان موسى بن نصير و طارق بن زياد في هذا المكان ما تركوها. و من هذه المنطقة الصغيرة جداً في أقصى الشمال الغربي كانت نواة الممالك النصرانيّة التي سوف تنشأ بعد ذلك و يكون لها اليد في سقوط بلاد الأندلس.تنتهي فترة من فترات تاريخ الأندلس تسمى بعهد الفتح و يبدأ من سنة 92 من الهجة حتى 96 من الهجرة و تقسم الأندلس إلى عهود بحسب طريقة الحكم و بحسب نظام الملك في هذه الفترات.فالفترة الأولى سميت بعهد الفتح و هي ثلاث سنوات و نصف فقط و هذا بحساب كل العسكريين يعتبر معجزة عسكريّة بكل المقاييس أن تفتح كل هذه البلاد بكل الصعوبات الجغرافيّة التي فيها من جبال و أنهار و أرض مجهولة للمسلمين.يبدأ بعد هذه الفترة عهداً جديداً يسمى عهد الولاة.

الأندلس من الفتح إلي السقوط - (3) إنطلاقة طارق إبن زياد


انطلق طارق بن زياد بعد موقعة وادي برباط شمالاً يفتح المدينة تلو المدينة و كانت المدينة العظيمة التالية لمنطقة وادي برباط هي مدينة أشبيليّه و قد دفعت هذه المدينة مع حصانتها و قوتها و مجدها و حاميتها الجزية و فتحت أسوارها لطارق بن زياد و ذلك مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم "نصرت بالرعب مسيرة شهر".بعد فتح اشبيليّة، توجه طارق بن زياد إلى مدينة أستجة و هي أيضاً من مدن الجنوب. ، قاتل المسلمون في أستجة قتالاً عنيفاً و لكنه بلا شك أقل من وادي برباط فقد خسر النصارى معظم قواتهم في موقعة وادي برباط ثم قبل أن ينتصر المسلمون، فتح النصارى أبوابهم و قالوا قد صالحنا على الجزية.و طبعاً فارق ضخم جداً بين أن يصالح النصارى على الجزية و بين أن يفتح المسلمون المدينة فتحاً لأنه لو فتح المسلمون هذه المدينة فتحاً لأخذ المسلمون كل ما فيها أمّا إن صالح النصارى على الجزية، فإنهم يملكون ما يملكون و لا يدفعون إلا الجزية و كانت تقدّر في ذلك الزمن بدينار واحد في العام.يبدا طارق بن زياد بجيشه الذي يبلغ 9000 آلاف رجل بإرسال السرايا لفتح المدن الجنوبيّة الأخرى و ينطلق هو بقوة الجيش الرئيسية في إتجاه الشمال حتى يصل إلى طليطلة عاصمة الأندلس في ذلك الزمن.يبث سريّة إلى قرطبة و يبث سريّة إلى غرناطة و يبث سريّة إلى مالقا و يبث سريّة إلى مرسيّا و هذه مدن الجنوب المنتشرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط و كل من هذه السرايا لا يزيد عدد الرجال فيها عن 700 رجل.فتحت قرطبة على عظمتها بـ 700 رجل فقط. ثم توجّه طارق بن زياد رحمه الله شمالاً حتى وصل إلى مدينة جيّان و هي من المدن الحصينة جداً للنصارى في هذا الزمن.يبدو أن موسى بن نصير رحمه الله كان قد أوصى طارق بن زياد أن لا يتجاوز مدينة جيان أو أن يتجاوز مدينة قرطبة و أمره أن لا يسرع في الفتح حتى يصل إلى مدينة طليطلة حتى لا يحاوطه جيش النصارى.لكن طارق بن زياد وجد الطريق أمامه مفتوحاً و وجد أن الطريق إلى طليطلة ليس فيه من النصارى شيء فاجتهد برأيه و وجد أن هذا هو الوقت المناسب لفتح طليطلة العاصمة و هي أحصن مدن النصارى على الإطلاق فإن هاجمها الآن و النصارى هم من الضعف الشديد الذي لا يستطيعون معه مقاومة جيش المسلمين فقد يتمكن من فتحها و لا يستطيع فتحها بعد ذلك.لكن على خلاف الأمير الأعلى له، فقد كان الأفضل أن يستشير طارق بن زياد موسى بن نصير في المغرب بأن يرسل رسالة و يقول له أن الطريق أمامه مفتوحاً إلى طليطلة فما رأيه؟لكن طارقاً بن زياد أسرع في اتجاه طليطلة دون استئذان من موسى بن نصير. علم موسى بن نصير بتقدم طارق بن زياد لفتح طليطلة و لكن لطول المسافات لم يستطع موسى بن نصير أن يلحق بطارق بن زياد إلى طليطلة.وجد طارق بن زياد الطريق مفتوحاً إلى طليطلة. و كانت طليطلة من أحصن المدن فهي محاطة بجبال من جهة الشمال و الشرق و الغرب و عليها حصن كبير جداً من جهة الجنوب.فتحت المدينة أبوابها عندما وصل طارق بن زياد إلى طليطلة و صالحت على الجزية.لم يعجب موسى بن نصير تقدم طارق بن زياد بهذه السرعة لأن فيه تهوراً و قد عرف عن موسى بن نصير الأناة و الحكمة و الحنكة و الصبر الذي كان يتّبعه في فتوحاته في شمال أفريقيا حتى وصل إلى المغرب فبعث برسالة شديدة اللهجة إلى طارق بن زياد يأمره فيها بالكف عن الفتح و بالإنتظار حتى يصل إليه خشية أن تلتفّ حوله الجيوش النصرانيّه.بدأ يجهّز موسى بن نصير العدة حتى يمد طارق بن زياد بالمدد بعد أن انطلق إلى هذه الأماكن البعيدة الغائرة في بلاد الأندلس.جهّز موسى بن نصير ثمانية عشر ألفاً من المسلمين. و لكن من أين جاءوا؟ .....انهمر الناس من مشارق الأرض و مغاربها على أرض الأندلس لمّا علموا أنّ فيها جهاداً. كان ال 12 ألف مسلم الذين فتحوا الأندلس مع طارق بن زياد كان جلهم من البربر أمّا هؤلاء الثمانية عشر ألفاً فهم من العرب الذين جاءوا من اليمن و الشام و العراق لمّا علموا أنّ هناك جهاداً في هذه الأرض، انطلقوا حتى وصلوا إلى بلاد المغرب و عبروا مع موسى بن نصير رضي الله عنه و أرضاه حتى وصلوا إلى بلاد الأنلس نصرة و مساعدة لطارق بن زياد.لمّا عبر موسى بن نصير إلى هذه البلاد وجد ما توقع، وجد أنّ النصارى قد انتقضوا في أشبيليّة و هي المدينة الحصينة الكبيرة التي صالحت على الجزية، نقضت العهد بعد أن انطلق طارق بن زياد إلى منطقة طليطلة و جهّز النصارى العدة لكي يلتفوا حول طارق بن زياد ففوجئوا بجيش موسى بن نصير رضي الله عنه و أرضاه يحاصر أشبيليّة فهو قائد محنّك له نظرة واعية و بعد نظر ثاقب و لم يكن أبداً كما يدعي الناس أنه عطّل طارق بن زياد عن الفتح حسداً أنّ قد فتح بلاد الأنلس وحده.كان موسى بن نصير يريد النصر لجيش المسلمين و عدم الغلبة لهذا الجيش بعيداً عن أراضي المسلمين، فحاصر موسى بن نصير منطقة أشبيليّة حصاراً شديداً لمدة شهور و صبرت على هذا الحصار حتى فتحت أبوابها.ثم بعد منطقة أشبيليّة جوّزها إلى الشمال. فموسى بن نصير لا يفتح المناطق التي فتحها طارق بن زياد، فاتجه إلى منطقة الغرب التي لم يدخلها أبداً طارق بن زياد، فهو يدخل إلى هذه البلاد لتكملة الفتح و مساعدة طارق بن زياد و ليس لأخذ النصر و العزة و الشرف منه.فتح مناطق عظيمة جداً حتى وصل إلى منطقة تسمى منطقة مرده و هي منطقة من المناطق التي تجمع فيها الكثير من القوط. حاصرها حصاراً طويلاً بلغ أيضاً شهوراً. كل هذا و طارق بن زياد في طليطلة ينتظر حتى يأتي إليه موسى بن نصير. و كان آخر شهر في الحصار هو شهر رمضان و فتحت المدينة أبوابها على أواخر شهر رمضان في عيد الفطر.انظر كيف تمر الأعياد على المسلمين!!!!!!!!!

الأندلس من الفتح إلي السقوط - (2) الفتح الإسلامي


· المسلمون بعيدون عن يوليان. ففكر يوليان و قال: إن الأرض تتآكل من حولي، فقد أخذ المسلمون يتكاثرون من حولي ، فلو صبرت اليوم فلن أصبر غداً أو بعد غد على حرب المسلمين فترة طويلة.· و كان يوليان يحقد كثيراً على لوذريق لأن لوذريق قتل غيطشة و كانت هناك علاقات طيبة جداً بين غيطشة و يوليان و استنجد أولاد غيطشة بيوليان ليساعدهم في حرب لوذريق.· ففكر يوليان أنه لو استولى المسلمون على ميناء سبتة فأين يذهب و الأندلس يحكمها لوذريق؟· كان لأولاد غيطشة ضياع و أراضي في الأندلس صادرها لوذريق. و قد أذاق لوذريق الشعب الأمرين و فرض عليهم الكثير من الضرائب و كان يعذبهم و يعيش في رغد من العيش و شعبه في فقر مدقع.فبينما كان يجلس طارق بن زياد والي طنجه رحمه الله في ميناء طنجة على بعد عدة كيلومترات من ميناء سبتة، يجد رسلاً قادمةً إليه من طرف يوليان لتتفاوض معه.وجد طارق بن زياد أمامه عرضاً يقدمه يوليان من تدبير الله سبحانه و تعالى:يقول له سوف أعرض عليك 3 أمور :· أن أسلمك ميناء سبتة (وكان المسلمون قد مكثوا سنيناً لا يستطيعون فتح ميناء سبتة).· سأمدك ببعض السفن التي تساعد جيشك في عبور جبل طارق إلى الأندلس.· سوف أعطيك معلومات كافية عن أرض الأندلس.و المقابل هو :يريد يوليان ضيعات و أملاك غيطشة فله 3000 ضيعة مصادرة من قبل لوذريق.(نقول في مثل هذه الحالات : لقد استنفذ موسى بن نصير و طارق بن زياد وسعهما و لذا يجازيهما الله خيراً و يوفقهما في حل مشاكل الفتح حتى من عند أعدائهما)انظر إلى تدبير سبحانه و تعالى المحكمأي أن يوليان يقول لطارق بن زياد أنت تفتح بلاد الأندلس و تحكمها و نحن نسمع و نطيع لك على أن تعطينا هذه الضيعات و هذه الأملاك.سعد طارق بن زياد سعادة جمة. ما أهون الثمن، لم يفكر المسلمون أبداً في مغنم عند فتحهم هذه البلاد و لم يفكروا في مال و لا ثروة. و لكن كل ما يريدون هو أن يعلّموا الناس الإسلام. كان لهم ما للمسلمين و عليهم ما على المسلمين. بل لو دفعوا الجزية للمسلمين يترك لهم كل ما كان في أيديهم.يخبر طارق بن زياد قائده موسى بن نصير بهذا الأمر و كان موسى بن نصير حينئذ في القيروان فيسر بذلك سروراً عظيماً و يبعث برسالة إلى الوليد بن عبد الملك خليفة المسلمين في ذلك الوقت فيسمح له الوليد بن عبد الملك رحمه الله بعبور بلاد الأندلس لكن يشترط عليه شرطاً ما كان يفكر فيه موسى بن نصير، و كان هذا الشرط هو أن لا يدخل بلاد الأندلس إلاّ بعد أن يختبرها بسرية من سرايا المسلمين. فلا يعتمد على شرح يوليان لبلاد الأندلس قد تسترشد بهذا الأمر فقط و لكن لا تعتمد عليه فقد يخون عهده و يتفق من ورائك مع لوذريق أو غيره.جهزّ موسى بن نصير رحمه الله سريّة من 500 رجل على رأسهم طريف بن مالك أو طريف بن ملوك على اختلاف الروايات و هو من البربر.معظم قادة هذه المنطقة هم من البربر حديثي الإسلام. لكن الإسلام غيّرهم كثيراً.... أخذ طريف بن مالك خمسمائة من المسلمين و عبر بهم من المغرب إلى الأندلس في رمضان سنة 91هـ . و بدأ يدرس منطقة الأندلس الجنوبية و هي المنطقة التي سوف ينزل بها جيش المسلمين ثم عاد بنجاح إلى موسى بن نصير و شرح له جغرافيّة هذه المنطقة.مكث موسى بن نصير بعد عودة طريف بن مالك في أناة شديدة و لمدة عام كامل يجهز جيشاً و يعد العدة حتى أعد في خلال هذه السنة 7000 مقاتل ولىّ عليهم طارق بن زياد رحمه الله.بدأ عبور مضيق جبل طارق في شعبان سنة 92 من الهجرة و نزلوا على جبل عرف في التاريخ بعد ذلك باسم جبل طارق ثم انتقل منه بعد ذلك إلى منطقه تسمّى الجزيرة الخضراء و هناك قابل الجيش الجنوبي للأندلس.لم يقابل لوذريق و جيشه و لكن كانت هناك حامية في الجنوب و عرض عليهم أموراً فقال:· إمّا أن تدخلوا في الإسلام و لكم ما لنا و عليكم ما علينا و نترك كل أملاككم في أيديكم على أن تدينوا بدين الله سبحانه و تعالى.· أو تدفعوا الجزية للمسلمين و نترك لكم كل ما في أيديكم و تظلّوا على دينكم .· أو أن تدخلوا معنا في قتال.و لا نؤخركم إلا ثلاث...... أخذت العزة بالنصارى القوط الموجودين في هذا المكان فبدأوا في قتال المسلمين فقاتلهم طارق بن زياد رحمه الله فانتصر عليهم.كانت الحرب سجالاً بين الفريقين و كان جيش القوط في هذه المنطقة ليس كبيراً فلم يكن جلّ الجيش في هذه المنطقة فانتصر عليهم طارق بن زياد.أرسل زعيم القوط المحاربين رسالة إلى لوذريق في طليطلة. و كانت طليطلة عاصمة الأندلس في ذلك الزمن و تقع في منتصف بلاد الأندلس. و قال له أدركنا يا لوذريق فإنه قد نزل علينا قوم لا ندري أهم من أهل الأرض أم من أهل السماء).فلم تكن هذه الشروط معتادة لديهم من قبل فكانوا يعتادون على أن الفاتح لأي بلد يأخذ خيراته و ثرواته ثم يقتل و يذبح و يترك البلد. ثم إنهم في ليلهم من القوّام لله سبحانه و تعالى أي أنهم فرسان بالنهار رهبان بالليل.وصلت الأخبار إلى لوذريق و أخذته العزة و جن جنونه و جمع من الناس مائة ألف مقاتل من الفرسان و جاء بهم من الشمال إلى الجنوب...... كان الـ7000 مجاهد من المسلمين جلّهم من الرجّالة و معهم خيل قليل. و أمامهم مائة ألف رجل.أرسل طارق بن زياد إلى موسى بن نصير رسالة يطلب منهم المدد فأرسل له موسى بن نصير 5000 رجل جلّهم من الرجّالة على رأسهم طريف بن مالك رحمه الله الذي اكتشف أرض الأندلس قبل عام من ذلك.أصبح قوام جيش المسلمين اثناعشر ألف مقاتل. تجول طارق بن زياد في المنطقة ليبحث عن منطقة تصلح للقتال فوجد منطقة تسمى وادي برباط و قد تجد في بعض المراجع أنّها تسمى وادي لكّه سواء بضم اللام أو كسرها.وجد أن هذا المكان مكاناً مناسباً لأن خلفه و عن يمينه جبل ضخم جداً فلا يستطيع أحد أن يلتف حوله. و عن يساره بحيرة عظيمة جداً فلا يستطيع أحد أن يلتفّ حوله من جهة اليسار فوضع في الطرف الجنوبي لهذا الوادي فرقة لحمايته بقيادة طريف بن مالك حتى لا يدخل عليه أحد من هذا المدخل الجنوبي فيباغت ظهر المسلمين. و ترك أمامه الشمال مفتوحاً للنصارى ليستدرجهم للقتال، و انتظر في هذا المكان.جاء لوذريق و معه مائة ألف فارس و جاءوا و معهم البغال محمّلة بالحبال!!!! لماذا أتى بالحبال؟؟؟؟ لأنه تخيل أنه سيهزم هذه القلة القليلة الغير مجهزة من المسلمين و يأخذهم عبيداً موثقين بالحبال.يتم اللقاء في 28 رمضان سنة 92 هـ و تدور معركة من أشرس المعارك!!!!!!! شتّان بين فريق خرج طائعاً مختاراً راغباً في الجهاد و بين فريق خرج مضطراً مكرهاً، و بين فريق أسمى أمانيّه أن يعود إلى أهله و ماله، شتّان بين فريق يقف فيه الجميع صفاً واحداً كصفوف الصلاة، الغنّي بجوار الفقير و الوزير بجوار الغفير و الحاكم بجوار المحكوم، و بين فريق يملك فيه بعض الناس الآخرين و يستعبد بعضهم بعضاً. هذا فريق له قائد ربّاني هو طارق بن زياد جمع بين التقوى و الحكمة و جمع بين القوة و الرحمة و جمع بين العزة و التواضع. و هذا فريق له قائد ألهب ظهر شعبه بالسياط و كان متسلطاً مغروراً و عاش منعماً و شعبه فقير.هذا فريق إذا انتصر فله أربعة أخماس الغنائم و هذا فريق لا يأخذ شيئاً بل يذهب كل شيء إلى الحاكم. هذا فريق يؤيده خالق الكون سبحانه و تعالى. و هذا فريق يحارب ربه.دارت الموقعة ابتداءاً من 28 رمضان و استمرت 8 أيّام متصلة تخللها عيد الفطر المبارك و أمواج من النصارى تنهمر على المسلمين و المسلمون صابرون.ثمّ من الله على المسلمين بالنصر بعد أن علم صدق إيمانهم و صبرهم على القتال الطويل 8 أيام متصلة و قتل لوذريق في هذه الموقعة و فرّ في رواية إلى الشمال لكن اختفى ذكره من الوجود.بدأت الأندلس تفتح صفحة جديدة من الفتح الإسلامي الراقي المتحضر و غنم المسلمون غنائم كثيرة جداً في موقعة وادي برباط كان أهم هذه الغنائم الخيول فأصبح الجيش الإسلامي كله خيّالة بعد أن كان جلّه رجّالة.لكن هل كان هذا بلا ثمن؟استشهد من المسلمين 3000 مقاتل روت دماؤهم أرض الأندلس و أوصلت هذا الدين إلى الندلس و أوصلته إلينا و لغيرنا. فلم يأت إلينا هذا الدين بتضحيات بسيطة و لكنّه وصل إلينا بتضحيات غالية جداً.قبل أن ننتقل إلى نقطة أخرى في فتح بلاد الأندلس نتناقش في قضية هامة جداً، و هي قضية حرق طارق بن زياد للسفن التي عبر بها من المغرب إلى بلاد الأندلس.و هي قصة اشتهرت كثيراً في التاريخ الإسلامي و التاريخ الأوروبي. ، و يقال أن طارق بن زياد حرق السفن التي عبر بها من المغرب إلى بلاد الأندلس ليحمس الجيش و قال لهم: البحر من ورائكم و العدو أمامكم فليس لكم نجاة إلا في السيوف.و الحق أن هذه الرواية لا يجب أبداً أن تستقيم و هي من الروايات الباطلة التي أدخلت إدخالاً على تاريخ المسلمين، و ذلك للأسباب الآتية:أولا:أن هذه الرواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي. لأن عندنا علم الرجال و علم الجرح و التعديل و لا بد أن تكون الرواية منقولة عن طريق أناس موثوق فيهم.فهذه الرواية لم ترد أبداً أبداً في روايات المسلمين الموثوق في تأريخها، إنما جاءت فقط في الروايات الأوروربيّه.ثانياً:أنه لو حدث فعلاً حرق لهذه السفن كان لا بد أن يحدث رد فعل من موسى بن نصير أو الوليد بن عبد الملك سؤالاً عن هذه الواقعة. فلا بد أن يكون هناك حوار بين موسى بن نصير و بين طارق بن زياد حول هذه القضية. و لابد أن يكون هناك تعليق من الوليد بن عبد الملك و لا بد أن يكون هناك تعليق من علماء المسلمين: هل يجوز هذا الفعل أم لا يجوز. و لذلك فإن الكتب اختفى منها رد الفعل تماماً مما يعطي شكاً كبيراً في حدوتها.ثالثاً:أن المصادر الأوروبيّة قد أشاعت هذا الأمر لأن الأوروبيين لا يستطيعون تفسير كيف انتصر 12 ألف من الرجال الرجّالة على 100 ألف فارس في بلادهم و عقر دارهم و في أرض عرفوها و هم من الخيّالية. فقالوا أن طارق بن زياد حرق سفنه ليجبر الجنود على القتال فانتصروا، لأن الأوروبيين لا يستطيعون فهم القاعدة القرآنية "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله و الله مع الصابرين" بل إن الأصل المتكرر في معظم المعارك الإسلاميّة أن يكون المسلمون قلّة و أن يكون الكافرون كثرة و أن ينتصر المسلمون بهذا العدد القليل .بل إنه من العجب العجاب أنه لو زاد أعداد المسلمين إنهزموا كما حدث في حنين" و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم من الله شيئاً).رابعاً:أن المسلمين لا يحتاجون إلى تحميس بحرق السفن فقد جاءوا إلى هذه الأماكن راغبين في الجهاد في سبيل الله طالبين الموت في سبيل الله فلا حاجة للقائد أن يحمس المسلمين بحرق السفن.خامساً:ليس من المعقول أن قائداً محنكاً مثل طارق بن زياد رحمه الله يحرق سفنه و يحرق خط الرجعة عليه. ماذا لو انهزم المسلمون في معركة من المعارك، يقول تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار و من يولهم يومئذ دبره إلاّ متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد ناء بغضب من الله و مأواه جهنم و بئس المصير". أي أنّ هناك احتمال أن ينسحب المسلمون من ميدان المعركة إمّا تحيزاً إلى فئة و فئة المسلمين كانت في المغرب في الشمال الأفريقي فكيف يقطع طارق بن زياد على نفسه طريق الإنحياز إلى فئة المسلمين أو يقطع على على نفسه التحرف إلى قتال جديد و الاستعداد إلى قتال جديد.فإن مسألة الحرق هذه فيها تجاوز شرعي كبير لا يقد عليه رجل في ورع و تقوى و علم و جهاد طارق بن زياد رحمه الله و ما كان علماء المسلمين و حكّامهم ليسكتوا على هذا الفعل إن حدث.سادساً:إن طارق بن زياد لا يملك كل السفن بل كانت مؤجّرة من يوليان و كان طارق بن زياد يعطيه أجره عن هذه السفن و كان سوف يردّها إليه عندما يرجع إلى ميناء سبتة فليس من حق طارق بن زياد أن يحرق هذه السفن.لكل هذه الأمور نقول أن قصة حرق السفن هي قصة مختلقة أشيعت لتهون من فتح الأندلس.ما هو الموقف بعد موقعة وادي برباط ؟· طارق بن زياد يعلم أن أفضل الفرص لفتح بلاد الأندلس هي هذه الفرصة و لكنّه يجد أنّ الروح المعنويّة عند جيشه عالية جداً فقد انتصر 12 ألف على 100 ألف و الروح المعنوية عند القوطيين في الحضيض فقد قتل منه كثير و تفرّق منه بالفرار الكثير.· علم طارق بن زياد أن هذه فرصة سانحة ليعلم الناس دين الله سبحانه و تعالى، و أن عليه أن ينتهز فرصة أن يوليان متحالف معه و قد ينقض عهده بع ذلك و لذلك عليه أن ينتهز الفرصة و يفتح بلاد الأندلس.· توجه طارق بن زياد بجيشه شمالاً و منها اتجه إلى إشبيليّة و هي أعظم مندن الجنوب على الإطلاق.· عندما اتجه جيش المسلمين إلى أشبيليّة تحقق فيهم قوله صلى الله عليه و سلم كما جاء في صحيح البخاريّ " نصرت بالرعب مسيرة شهر" ففتحت المدينة أبوابها للمسلمين دون قتال و صالحت على الجزية.و لكن ما مفهوم الجزية:· الجزية هي ضريبة يدفعها أهل الكتاب بصفة عامةأو المجوس أو حتى المشركين في آراء بعض الفقهاء. يدفعون الجزية كي يدافع عنهم المسلمون. لا يحمل الذين يدفعون الجزية سلاحاً يدافعون به عن أنفسهم و لكن يجب أن يدافع عنهم المسلمون. و إذا فشل المسلمون في الدفاع عنهم ردّت إليهم الجزية.· تؤخذ الجزية من الرجال فقط و لا تؤخذ من النساء و لا الأطفال و لا الشيوخ و لا أصحاب العاهات و لا المرضى و لا الرجل المعتكف للعبادة و لا الفقير. بمعنى أدق فهي تؤخذ من القادرين على القتال.... بل إن الفقير غير المسلم قد يأخذ من بيت مال المسلمين.· الجزية في مقابل الزكاة التي يدفعها المسلمون بل هي أقل بكثير مما يدفعه المسلمون. فكان الرجل الذي يدفع الجزية يدفع دينار واحد في السنة بينما كان المسلم يدفع 5ر2% من ماله إن كان قد بلغ النصاب و حال عليه الحول..... و في حالة إذا أسلم الذمي سقطت عنه الجزية و في حالة إذا اشترك مع المسلمين في القتال دفعوا له أجره.· الجزية كانت أقل بكثير من الضرائب التي كان يدفعها أصحاب الحكم في بلادهم. بل إن الزكاة نفسها أقل من أي ضريبة في العالم. فهل هناك نسبة ضريبة تبلغ 5ر2% فقط؟_____________انتظرونا مع انطلاقة طارق بن زياد

الأندلس من الفتح الى السقوط - مقدمة


عندما تقرأ التاريخ و تقلب في صفحاته تشاهد سنن الله سبحانه و تعالى في التغيير .يكرر التاريخ نفسه بصورة عجيبة مع اختلاف الأسماء فقط. فأنت عندما تقرأ التاريخ فكأنك تقرأ المستقبل. فإن الله سبحانه و تعالى بسننه الثوابت قرأ لك المستقبل و هذا من فضله و رحمته سبحانه و تعالى.حدد لك كيف ستكون العواقب ، و المؤمن الحصيف لا يقع في أخطاء السابقين. المؤمن العاقل يكرر ما فعله السابقون و نجح معهم. و لا يقع في أخطاء من عارض منهج الله سبحانه و تعالى أو وقع في خطأ من الأخطاء حتى لو كان خطأ غير مقصود.لماذا ندرس التاريخ الأندلسي :لأنه تاريخ يشمل أكثر من 800 سنة من 92 هـ و حتى 897 هـ و كان له تداعيات بعد هذه الفترة أيضاً. يعني هي فترة أكثر من ثلثي التاريخ الإسلامي. و أيضاً لأن تاريخ الأندلس لكبر حجمه مرت به كثير من دورات التاريخ، فسنن الله فيه واضحة تماماً. فيه كثير من الأمم قامت و فيه كثير من الأمم سقطت.كثير من الدول أصبحت قوية و فتحت ما حولها من البلاد و كثير من الدول سقطت و تهاوت. ظهر في تاريخ الأندلس المجاهد الشجاع و ظهر أيضاً الخائف الجبان، ظهر في تاريخ الأندلس التقي الورع و ظهر أيضاً المخالف لشرع ربه سبحانه و تعالى، ظهر في تاريخ الأندلس الأمين على نفسه و دينه و وطنه و ظهر أيضاً الخائن لنفسه و لدينه و لوطنه.ظهرت كثير من النماذج سواء في الحكام أو المحكومين و سواء في العلماء أو في عوام الناس . إذن دراسة هذه الأمور تفيد كثيراً في استقراء المستقبل القادم على المسلمين:فمثلا: موقعة وادي برباط التي فتحت فيها الأندلس تشبه موقعتي اليرموك و القادسية و لكن الكثير من المسلمين لا يسمع أساساً عن وادي برباط. ترى: هل قصة حرق السفن التي حدثت زمن طارق بن زياد رحمه الله ، هل هي حقيقة أم خيال؟ و إذا كانت خيالاً فلماذا انتشرت بهذه الطريقة؟ و من هو عبد الرحمن الداخل الذي قال عنه المؤرخون أنه لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام كلياً من الأندلس؟ من هو عبد الرحمن الناصر أعظم ملوك أوروبا في القرون الوسطى على الإطلاق؟ و كان أكبر قوة في العالم وقتها؟ و من هو سف بن تشفين رحمه الله القائد الربانيّ و صاحب موقعة الزلاقة. كيف نشأ و كيف ربى الناس على حياة الجهاد؟ و كيف فتح دولة ما وصل المسلمون إلى أبعادها في كثير من الفترات؟ و من هو أبو بكر بن عمر اللمتوني الذي أدخل الإسلام في أكثر من 15 دولة إفريقية؟ من هو أبو يوسف يعقوب المنصور صاحب موقعة الأرك الخالدة التي دكت فيها حصون الصليبيين و انتصر فيها المسلمون انتصاراً ساحقاً. كيف كان مسجد قرطبة؟ و كيف كان أوسع المساجد في العالم في زمانه و أزمان متلاحقة بعد ذلك؟ و كيف حول إلى كنيسة! ما زال إلى اليوم كنيسة! كيف كان مسجد إشبيلية العجيب –جامعة قرطبة و المكتبة الأمويه – قصر الزهراء – مدينة الزهراء – مدينة الزاهرة – قصر الحمراء و غيرها من الأماكن الخالدة الموجودة إلى الآن و يزورها معظم الناس. ما هي موقعة العقاب التي هزم فيها المسلمون هزيمة ساحقة و كانوا يفوقون غيرهم في العدد و العدة و كأن حنين تتكرر من جديد؟؟؟؟؟؟؟؟ بعد موقعة العقاب لم ير في الأندلس و المغرب شاباً صالحاً للقتال! كيف سقطت الأندلس و ماهي العوامل التي إن تكررت في أي أمة سقطت لا محالة؟ كيف سطعت شمس الإسلام في القسطنطينية بعد سقوط الأندلس؟ و ما هذا التزامن بين سقوط الإسلام في الغرب و انتشاره في الشرق من رحمة الله سبحانه و تعالى. ما هي مأساة بلنسية و قتل 60 ألف مسلم في يوم واحد؟ ماهي مأساة أوبدّة و قتل 60 ألف مسلم في يوم واحد؟ ماهي مأساة بربشتر و قتل 40 ألف مسلم و سبي 7000 فتاة بكر و كأنها البوسنة و الهرسك في التاريخ؟ نشاهدها الآن و لا نعرف أن لها أصول و جذور في التاريخ كيف تصرف المسلمون بعدها؟ و كيف قاموا؟لو عرفنا لاستطعنا أن نقوم الآن.سؤال هام جداً :لماذا حمل المسلمون سيوفهم و سلاحهم و توجهوا إلى الأندلس لفتحها؟الأندلس دولة مستقلة . تحكم بالقوط و النصارى في ذلك الزمن. و المسلمون دولة كبيرة جداً و مجاورة لها. في الأعراف الدولية الآن يعتبر حمل المسلمين سلاحهم لفتح الأندلس هو تعدي على حدود دولة مجاورة. و يقول كثير من الناس أن الإسلام انتشر بحد السيف، و لكن كيف و قد قال الله سبحانه و تعالى (لا إكراه في الدين).لتفسير هذا الأمر نقول أن الجهاد في الإسلام نوعان :· جهاد الدفع :و هو الدفاع عن أرضك يعني أن أحد الأعداء تهجم على أرضك و أنت تدافع عنها و هذا النوع من الجهاد يستوعبه الكثير من المسلمين و غير المسلمين.· جهاد الطلب :أو جهاد نشر الدعوة أو جهاد تعليم الآخرين هذا الدين . و هذا النوع من الجهاد قد لا يستوعبه كثير من المسلمين.الإسلام هو الدين الخاتم و هو كلمة الله سبحانه و تعالى الأخيرة للناس. و قد كلف الله سبحانه و تعالى المسلمين بنشر هذا الدين في ربوع العالم و أن تعلم الناس ما طلبه ربهم منهم.و من سنن الله سبحانه و تعالى أن هناك أقواماً يحكمون الشعوب الأخرى التي تدين بالإسلام. هذه الأقوام لا محالة ستقف أمام هذه الدعوة إلى غيرها من الناس. فالإسلام شرع للمسلمين التوجه بسيوفهم و جيوشهم لحماية الدعاة إلى الله سبحانه و تعالى لنشر هذا الدين و تعليمه للآخرين.فمن لهؤلاء الذين يولدون في بلاد يعلمونهم أن المسيح هو الله (حاشا لله) أو أن البقرة هي الإله(حاشا لله) أو أن ليس للكون خالق؟ أو أن الطبيعة هي رب الكون. من يعلم هؤلاء إذا لم يعلمهم المسلممون أصحاب الرسالة الخاتمة. ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيداً ).أي أنك سوف تشهد عند الله سبحانه و تعالى و تقول يا رب شرحت لهم و علمتهم و ذهبت إليهم و جاهدت في سبيلك و لكنهم أنكروا أو اتبعوا.الأصل في الأمور أن هؤلاء الناس لن يتركوك تفعل هذا الأمر سيقفون بسيوفهم ، لأن هؤلاء الحكام مستفيدون لعبادة هؤلاء الناس لغير الله سبحانه و تعالى. و لكن إذا حكّم شرع الله انتقلت الحاكمية من هؤلاء الناس إلى الله سبحانه و تعالى، و هم لا يريدون ذلك و سيقفون أمامك بسيوفهم و جيوشهم و عليك أن تقف أنت أيضاً أمامهم بسيفك و جيشك حتى تحمي الدعوة إلى الله سبحانه و تعالى.المسلمون لا يقاتلون الشعوب. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه و أرضاه يقول للجيوش الفاتحة:إتقوا الله في الفلاحين، إتقوا الله في عموم الناس، إتقوا الله في الناس التي لا يهمها هذا الحاكم أو ذاك و لكن تعيش لكي تعلم أين الخير لتتبعه.لا تقتلوا إلا من قاتلكم . فكان المسلمون يتجنبون إيذاء النساء و الأطفال و الناس المعتكفة للعبادة أو الناس الضعيفة التي لا تستطيع القتال أو حتى الناس القوية التي لا تشترك في قتال المسلمين.أي أن المسلمين في حروبهم كانوا يقاتلون الجيوش و الحكام الذين عبّدوا الناس لغير الله سبحانه و تعالى.ممكن من يقول :إذا سمحوا لك أنك تدعو إلى الله سبحانه و تعالى في بلادهم فما الفائدة من الجيش؟ ممكن أن نرسل مجموعة من الدعاة يدعون إلى الله سبحانه و تعالى بالتي هي أحسن بدون جيش و لا عرض للإسلام و لا الجزية. أترك الناس أحرار تختار كما تشاء. كما يقال أن الإسلام انتشر بالتجارة في شرق آسيا.و الرد على ذلك : إن هذا الكلام به افتراض غير واقعي، لأن ذلك مناف لسنن الله سبحانه و تعالى في خلقه و في أرضه. فإن الكثير من البلاد الإسلاميه دخلت الإسلام عن طريق الفتوحات و القلة القليلة جداً هي من دخلت الإسلام عن طريق التجارة. لأن حكام الدول المجاورة للمسلمين لن تترك الدعاة يدعون إلى الله سبحانه و تعالى بدون وجود جيش يحميهم و لذلك شرع الله سبحانه و تعالى الجهاد إلى يوم القيامة و أصبحت سنة من سنن الله سبحانه و تعالى في الأرض إلى يوم القيامة. و إذا كانت هناك بعض البلاد تترك الحرية للدعوة إلى الله فإن هذا الأمر ليس متروكاً بصورة عشوائية حيث أن المسلمين لم يصلوا إلى القوة المغيّرة في هذه البلاد و لو وصل المسلمون إلى الحجم الذي يؤثر على سياسة هذه البلاد لن تكون هناك سماح للكلام في الإسلام أو الدعوة إلى الإسلام. إذا كانت هذه الدول لا تسمح بقيام دول إسلامية خارج حدودها، فما بالك لو قامت هذه البلاد الإسلامية أو هذا الفكر الإسلامي داخل بلادهم! ثم إذا سمح للدعوة إلى الإسلام في هذه البلاد عن طريق البرامج و الشرائط و كافة الوسائل فهو يخرج إليك في مقابل المقال الإسلامي بعشرات المقالات العلمانية و في مقابل الصورة الإسلامية الناجحة عشرات الصور الفاضحة. فإن كان هذا الأمر فهل ستؤدي الدعوة إلى الإسلام هدفها وسط هذا الركام الهائل من المضادات للدعوة الإسلامية؟فرسالة المسلم التي كلفه الله بها إلى يوم القيامة هو نشر الإسلام في ربوع الأرض. و يلخص هذه الرساله ربعي بن عامر رضي الله عنه في الحوار الذي دار بينه و بين رستم في موقعة القادسية. يقول ربعي بن ربعي: "لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، و من جور الأديان إلى عدل الإسلام، و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة".أي أن المسلمين يجاهدون و يتحركون بجيوشهم لمصلحة الناس. لأن كثيراً من الناس لا تسمع لك إلاً إذا كنت محاطاً بقوة "وإن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن" فتجلس و تسمع لك و تفكر و تجد أن ما كانت ترفضه هو النجاة.فكثير من المسلمين دخلوا في الإسلام بعد الفتوحات الإسلامية غير مكرهين و لا مضطرين "لا إكراه في الدين" فبعد دخول المسلمين هذه البلاد كانوا يخيرون الناس بين أن يظلوا على إسلامهم أو يظلوا على معتقداتهم.و لكن أين هي الأندلس ؟الأندلس الآن هي أسبانيا و البرتغال أو ما يسمى بشبه الجزيرة الأيبيرية ، و مساحتها 600 ألف كيلومتر مربع.لماذا سميت بلاد الأندلس بهذا الإسم؟سكن في الأندلس منذ القرن الأول الميلادي بعض القبائل الهمجية التي جاءت من شمال اسكندنافيا (السويد و الدنمارك و النرويج) و يقال أن هذه القبائل جاءت من ألمانيا. بصرف النظر عن مجيئها و لكن هذه القبائل كان يطلق عليها اسم قبائل الفاندال و تسمى بالعربية قبائل الواندال و سميت هذه البلاد بفانداليسيا ثم حرف هذا الإسم إلى أندليسيا و قد كانت هذه القبائل قبائل وحشية حتى أنه كان من المعروف أن أحوال هذه القبائل قد انصلح بعد دخول الإسلام.خرجت هذه القبلئل من الأندلس و حكم الأندلس قبائل أخرى من النصارى عرفت باسم قبائل القوط الغربيين و هم الذين كانوا يعيشون في الأندلس عند دخول المسلمين.و لكن ما هي الأسباب التي دعت المسلمين إلى فتح الأندلس في هذا الوقت بالذات؟ذهبوا إلى الأندلس لأن المسلمين كانوا قد وصلوا إلى المغرب الأقصى في الفتوح و بعد المغرب الأقصى يوجد المحيط الأطلسي فإمّا أن تتجه شمالاً و تعبر مضيق جبل طارق و تدخل إلى بلاد الأندلس و إمّا أن تنزل جنوباً في الصحراء الكبرى.المسلمون ليس همهم جمع الأراضي و الممتلكات فالصحراء الكبرى قليلة السكان جداً فكان همهم (البشر) حتى يعلموهم دين الله سبحانه و تعالى. فلمّا انتهوا من المغرب انتقلوا إلى الدولة المجاورة مباشرة و لمّا انتهوا من الأندلس غنتقلوا إلى الدولة المجاورة و هي فرنسا.يقول الله سبحانه و تعالى : (قاتلوا الذين يلونكم من الكفّار و ليجدوا فيكم غلظة). معنى الذين يلونكم: أي البلاد المجاورة لكم.و هناك حوار لطيف دار بين معاذ بن جبل رضي الله عنه و بين ملك من ملوك الروم قبل موقعة اليرموك فيقول ملك الروم: ما الذي دعاكم إلى الولوغ في بلادنا و بلاد الحبشة أسهل عليكم؟ فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (قال لنا ربنا في كتابه الكريم :"قاتلوا الذين يلونكم من الكفّار و ليجدوا فيكم غلظة" فأنتم البلاد التي تلينا ثم بعد الإنتهاء من بلاد الروم سنجوزها إلى الحبشة و غيرها من البلاد).في أي زمان فتحت بلاد الأندلس: هذه الفترة من فترات بني أمية و بالذات في خلافة الوليد بن عبد الملك و هو الخليفة الأموي الذي حكم من سنة 86 و حتى سنة 96 و فتحت الأندلس سنة 92 هـ . و كثير من البلاد فتحت في عهد الدولة الأموية و منها ليبيا و حتى أواخر المغرب، نعم لقد بدأت الفتوح في هذه البلاد في عهد عثمان بن عفّان لكن كثيراً من البلاد ارتدت عن الإسلام بعد ذلك و أعيد فتحها في عهد الدولة الأموية و فتحت أيضاً أفغانستان و جمهوريات جنوب روسيا. دوّنت السنة و رغّب في الجهاد في عهد بني أميّة. فكان المسلمون يخرجون للجهاد صيفاً و شتاءاً كأمر طبيعي و كأنهم يخرجون إلى أعمالهم. حكمت دولة بني أمية من سنة 40 إلى سنة 132 هـ . آخر 7 سنوات فقط من عهد بني أمية هي التي حدثت فيها فتن و حياد عن منهج الله سبحانه و تعالى. و بذلك تحققت سنة الله سبحانه و تعالى في أرضه و انتقلت الخلافة من بني أميّة إلى بني العباس.و لكن ما هي حالة أوروبا عند الفتح الإسلامي؟ كانت تعيش أوروبا فترة من فترات الجهل و ظلم من الحكّام للمحكومين و تعيش الشعوب في بؤس كبير. اهتمّوا كثيراً ببناء القصور و القلاع و الحصون بينما يعيش الشعب في فقر شديد. الناس الذين كانوا يزرعون الأراضي كانت تباع و تشترى مع الأرض و هناك انتهاك للحرمات، و أخلاق متدنيّه. و حتى أبسط مباديء النظافة لم يكونوا يتبعونها فكانوا يتركون شعورهم تنسدل على وجوههم و يتركون الأوساخ على أجسامهم و يعتقدون أنها بركة. أما المسلمون الذين صعدوا إلى اسكندنافيا ذكروا : أن الناس كانوا يتفاهمون بالإشارة و ليست لهم لغة يتحدثون بها. و كانت لهم بعض تصرفات الوثنيين من حرق للمتوفي و حرق زوجته أو جاريته أو من يحبهم معه و ذلك أمام الناس و هم يشاهدون و يتفرجون.