الثلاثاء، ديسمبر ١٩، ٢٠٠٦

الأندلس من الفتح إلي السقوط - (3) إنطلاقة طارق إبن زياد


انطلق طارق بن زياد بعد موقعة وادي برباط شمالاً يفتح المدينة تلو المدينة و كانت المدينة العظيمة التالية لمنطقة وادي برباط هي مدينة أشبيليّه و قد دفعت هذه المدينة مع حصانتها و قوتها و مجدها و حاميتها الجزية و فتحت أسوارها لطارق بن زياد و ذلك مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم "نصرت بالرعب مسيرة شهر".بعد فتح اشبيليّة، توجه طارق بن زياد إلى مدينة أستجة و هي أيضاً من مدن الجنوب. ، قاتل المسلمون في أستجة قتالاً عنيفاً و لكنه بلا شك أقل من وادي برباط فقد خسر النصارى معظم قواتهم في موقعة وادي برباط ثم قبل أن ينتصر المسلمون، فتح النصارى أبوابهم و قالوا قد صالحنا على الجزية.و طبعاً فارق ضخم جداً بين أن يصالح النصارى على الجزية و بين أن يفتح المسلمون المدينة فتحاً لأنه لو فتح المسلمون هذه المدينة فتحاً لأخذ المسلمون كل ما فيها أمّا إن صالح النصارى على الجزية، فإنهم يملكون ما يملكون و لا يدفعون إلا الجزية و كانت تقدّر في ذلك الزمن بدينار واحد في العام.يبدا طارق بن زياد بجيشه الذي يبلغ 9000 آلاف رجل بإرسال السرايا لفتح المدن الجنوبيّة الأخرى و ينطلق هو بقوة الجيش الرئيسية في إتجاه الشمال حتى يصل إلى طليطلة عاصمة الأندلس في ذلك الزمن.يبث سريّة إلى قرطبة و يبث سريّة إلى غرناطة و يبث سريّة إلى مالقا و يبث سريّة إلى مرسيّا و هذه مدن الجنوب المنتشرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط و كل من هذه السرايا لا يزيد عدد الرجال فيها عن 700 رجل.فتحت قرطبة على عظمتها بـ 700 رجل فقط. ثم توجّه طارق بن زياد رحمه الله شمالاً حتى وصل إلى مدينة جيّان و هي من المدن الحصينة جداً للنصارى في هذا الزمن.يبدو أن موسى بن نصير رحمه الله كان قد أوصى طارق بن زياد أن لا يتجاوز مدينة جيان أو أن يتجاوز مدينة قرطبة و أمره أن لا يسرع في الفتح حتى يصل إلى مدينة طليطلة حتى لا يحاوطه جيش النصارى.لكن طارق بن زياد وجد الطريق أمامه مفتوحاً و وجد أن الطريق إلى طليطلة ليس فيه من النصارى شيء فاجتهد برأيه و وجد أن هذا هو الوقت المناسب لفتح طليطلة العاصمة و هي أحصن مدن النصارى على الإطلاق فإن هاجمها الآن و النصارى هم من الضعف الشديد الذي لا يستطيعون معه مقاومة جيش المسلمين فقد يتمكن من فتحها و لا يستطيع فتحها بعد ذلك.لكن على خلاف الأمير الأعلى له، فقد كان الأفضل أن يستشير طارق بن زياد موسى بن نصير في المغرب بأن يرسل رسالة و يقول له أن الطريق أمامه مفتوحاً إلى طليطلة فما رأيه؟لكن طارقاً بن زياد أسرع في اتجاه طليطلة دون استئذان من موسى بن نصير. علم موسى بن نصير بتقدم طارق بن زياد لفتح طليطلة و لكن لطول المسافات لم يستطع موسى بن نصير أن يلحق بطارق بن زياد إلى طليطلة.وجد طارق بن زياد الطريق مفتوحاً إلى طليطلة. و كانت طليطلة من أحصن المدن فهي محاطة بجبال من جهة الشمال و الشرق و الغرب و عليها حصن كبير جداً من جهة الجنوب.فتحت المدينة أبوابها عندما وصل طارق بن زياد إلى طليطلة و صالحت على الجزية.لم يعجب موسى بن نصير تقدم طارق بن زياد بهذه السرعة لأن فيه تهوراً و قد عرف عن موسى بن نصير الأناة و الحكمة و الحنكة و الصبر الذي كان يتّبعه في فتوحاته في شمال أفريقيا حتى وصل إلى المغرب فبعث برسالة شديدة اللهجة إلى طارق بن زياد يأمره فيها بالكف عن الفتح و بالإنتظار حتى يصل إليه خشية أن تلتفّ حوله الجيوش النصرانيّه.بدأ يجهّز موسى بن نصير العدة حتى يمد طارق بن زياد بالمدد بعد أن انطلق إلى هذه الأماكن البعيدة الغائرة في بلاد الأندلس.جهّز موسى بن نصير ثمانية عشر ألفاً من المسلمين. و لكن من أين جاءوا؟ .....انهمر الناس من مشارق الأرض و مغاربها على أرض الأندلس لمّا علموا أنّ فيها جهاداً. كان ال 12 ألف مسلم الذين فتحوا الأندلس مع طارق بن زياد كان جلهم من البربر أمّا هؤلاء الثمانية عشر ألفاً فهم من العرب الذين جاءوا من اليمن و الشام و العراق لمّا علموا أنّ هناك جهاداً في هذه الأرض، انطلقوا حتى وصلوا إلى بلاد المغرب و عبروا مع موسى بن نصير رضي الله عنه و أرضاه حتى وصلوا إلى بلاد الأنلس نصرة و مساعدة لطارق بن زياد.لمّا عبر موسى بن نصير إلى هذه البلاد وجد ما توقع، وجد أنّ النصارى قد انتقضوا في أشبيليّة و هي المدينة الحصينة الكبيرة التي صالحت على الجزية، نقضت العهد بعد أن انطلق طارق بن زياد إلى منطقة طليطلة و جهّز النصارى العدة لكي يلتفوا حول طارق بن زياد ففوجئوا بجيش موسى بن نصير رضي الله عنه و أرضاه يحاصر أشبيليّة فهو قائد محنّك له نظرة واعية و بعد نظر ثاقب و لم يكن أبداً كما يدعي الناس أنه عطّل طارق بن زياد عن الفتح حسداً أنّ قد فتح بلاد الأنلس وحده.كان موسى بن نصير يريد النصر لجيش المسلمين و عدم الغلبة لهذا الجيش بعيداً عن أراضي المسلمين، فحاصر موسى بن نصير منطقة أشبيليّة حصاراً شديداً لمدة شهور و صبرت على هذا الحصار حتى فتحت أبوابها.ثم بعد منطقة أشبيليّة جوّزها إلى الشمال. فموسى بن نصير لا يفتح المناطق التي فتحها طارق بن زياد، فاتجه إلى منطقة الغرب التي لم يدخلها أبداً طارق بن زياد، فهو يدخل إلى هذه البلاد لتكملة الفتح و مساعدة طارق بن زياد و ليس لأخذ النصر و العزة و الشرف منه.فتح مناطق عظيمة جداً حتى وصل إلى منطقة تسمى منطقة مرده و هي منطقة من المناطق التي تجمع فيها الكثير من القوط. حاصرها حصاراً طويلاً بلغ أيضاً شهوراً. كل هذا و طارق بن زياد في طليطلة ينتظر حتى يأتي إليه موسى بن نصير. و كان آخر شهر في الحصار هو شهر رمضان و فتحت المدينة أبوابها على أواخر شهر رمضان في عيد الفطر.انظر كيف تمر الأعياد على المسلمين!!!!!!!!!