شوارع المعادي ..مصيدة الجواسيس
كانوا أربعة رجال ..محمود وشقيقه عصام , العقيد محيي عدلي والمقدم أحمد علي محمود هو رجل مخابرات من الطراز الأول ومحيي وأحمد من ضباط الجيش المشهود لهما بالكفاءةوعصام سائق ماهر للسياراتتحديد الهدف :قاموا بمراقبة السفارة الإسرائيلية ومنها إلى مساكن الإسرائيليين بالمعادي حيث يقطن سفيرهم في شارع بور سعيد , عرفوا أن سياراتهم تحمل أرقام 114 دبلوماسية وحددوا أهدافهم من رجال الموسادجولات التدريب:ذهبوا إلى القاهرة – الإسماعيلية الصحراوي لتجريب السلاح ( رشاش عوزي إسرائيلي – بندقية آلية – مسدس أسباني) الذي لم يكن بالكفاءة المطلوبةفترة المراقبة:دامت أكثر من أسبوعين , يخرجون في الصباح الباكر ليراقبوا سيارات السفارة وهي في الطريق إليها وينتظرونها وهي عائدة إلى مساكن أعضاء السفارة وكانوا يراقبون كل المنافذ المؤدية إلى السفارة من و إلى المعاديتقع السفارة الإسرائيلية في نهاية كوبري الجامعة وتعتبر على يمين القادم من الكوبري باتجاه جامعة القاهرة حيث يقع مدخل العمارة التي تتخذ السفارة من الأدوار النهائية فيها مقرا لها , هناك ممر يصل ما بين شارع الجزيرة إلى الميدان الذي يتوسطه تمثال (نهضة مصر) أمام حديقة الحيوان و الممر يوجد أسفل الكوبري و قد تم إغلاقه منذ اتخذت السفارة مقرا لها بهذه المنطقة . رجال الشرطة متناثرون في كل اتجاه يدققون في القادمين و يوقفون من يشتبه فيه . هناك جراج للعمارة توضع به سيارات السفارة و حولها حراسة مشددة خوفا من إحداث أية عمليات تخريبية بها .. اختار التنظيم " زيفي كيدار" مسئول أمن السفارة الإسرائيلية و أحد رجال الموساد ليكون هدفهم الأول .. راقبوا تحركاته .. الخطة كانت تستلزم وضعه تحت المراقبة جيدا .. و في أثناء المراقبة التي كانت تجري في شارع 210 بمنطقة دجلة بالمعادي حيث العقار رقم 1 ، بعض الإسرائيليين الذين كانوا يرقصون و يشربون الخمر علي أنغام الديسكو و بصوت واضح سمعه الجميع .. لم يراعوا حرمة شهر رمضان المعظم .. و كان المارة يرونهم في الشرفة الواسعة من أسفل الشارع . هذا المشهد استفز المقدم أحمد علي ، طلب من محمود السماح له بإطلاق رصاص بندقيته الآلية عليهم ، لكن محمود طلب منه التمهل .....فالمعركة لم تبدأ بعد .التنفيذ:واتفق الرجال على تنفيذ العملية ليلا , ففي المساء كثيرا ما يخرج الإسرائيليون فرادي للسهر و اللهو ، و تلك فرصة مناسبة لتنفيذ العملية بنجاح . و بعد أن استقر الأمر علي ذلك . بدأوا يفكرون في شراء سيارة ينفذون بها عملياتهم المرتقبة كان الاتفاق أن يجري تنفيذ العملية بالسيارة الجديدة ، ثم تترك في مكان جانبي ، حتى إذا ما توصلت إليها الشرطة يكون أيضا من الصعب التوصل عبرها إلي الذين نفذوا العملية . و كان هناك اقتراح آخر بأن تجري سرقة سيارة من أي مكان , تنفذ بها العملية و تترك لتعود إلي صاحبها بعد ذلك . و لكن الأمر استقر في النهاية علي شراء سيارة قديمة . إما من خلال الإعلانات أو من أحد معارض السيارات . و إلي سوق سيارات المعادي الواقع إلي جوار ميدان الحرية بقليل كانت وجهة عصام و معه محيي . ذهبا إلي هناك صباح يوم الجمعة , حيث تقام السوق يومي الجمعة و الأحد من كل أسبوع . كانت الخطة تقضي بدفع جزء كبير من المبلغ , و أن يجري كتابة العقد الابتدائي باسم وهمي قبل التسجيل .و بالفعل فقد استقر الأمر علي شراء سيارة نصر 128 لونها برتقالي . كان محيي يراقب الموقف عن بعد وعصام ينهي إجراءات العقود مع صاحب السيارة الذي لم يسأل عن هويته ولا اهتم بأن يرى بطاقته سار عصام بالسيارة وخلفه محيي عدلي اتجها يمينا إلى كوبري مصر القديمة ثم إلى طريق صلاح سالم ثم إلى مصر الجديدة , ركن عصام السيارة في مكان ما وركب إلى جوار محيي عدلي واتجها إلى منزل محمود خلف مدرسة السلحدار , دفع محمود ثمن السيارة وتم إصلاحها ولصق مادة معتمة على زجاجها .كان التاريخ هو يونيو 1984 وكان شهر رمضان و نزل الأربعة من شقة محمود, محيي وعصام جاءا بالسيارة الفيات 128 من أمام فندق البارون . قام عصام بقيادتها بينما قاد محيي سيارة عصام البيجو 305 أما محمود وأحمد فقد ركبا سيارة محمود التويوتا والتقى الجميع أمام مسجد جمال عبد الناصر فصلوا ركعتين , وتحركوا جميعا على طريق المعادى .سارت السيارات الثلاث وراء بعضها على طريق الأوتوستراد ..وفي أقل من نصف ساعة كانوا قد وصلوا إلى منطقة صقر قريش , بداية المعادي الجديدة من ناحية الأوتوستراد وهناك ترك محمود سيارته التويوتا وقام بقيادة البيجو وتجمع محيي وعصام و أحمد في الفيات 128 وأمام المنطقة التي يسكن فيها الإسرائيليين وقفوا يراقبون الأجواء , وكان محمود قد ترك البيجو في منطقة قريبة , ولمح سيارة 114 دبلوماسية تتجه إلى المقطم وهو في الطريق إلى منطقة دجلة , اتفقوا على أن ينتظروا هذه السيارة.ومر أكثر من أربعين دقيقة ولم تظهر , وبدأ بعض البوابين يشكون في هذه السيارة التي تنتظر منذ ثلثي الساعة وفجأة لمح أحمد علي الهدف (زيفي كيدار) قادما من بعيد .. كان يركب سيارة بيجو 305 لونها كريمي فاتح , نزل محمود من السيارة وظل بعيدا بعض الشيء , جاء الهد ف مسرعا على بعد 50 مترا من العمارة التي يسكن فيها ....تحرك عصام نحوه بالسيارة .نزل الهدف من السيارة باتجاه العقار رقم 1 شارع 210 المعادي وهنا دفع عصام السيارة أمامه وقال له:-
please…
و فجأة انهمر الرصاص كان محمود هو الوحيد خارج السيارة وكان قد صبغ شعره بطريقة معينة بحيث يبدو تارة أسود وتارة أبيض حسب التسريحة و فيما عدا هذا لم يستخدم أحد أي نوع من التنكر. وكان محمود يحمل مسدسا أسبانيا وخنجرا وأحمد كانت من نصيبه البندقية الآلية والرشاش العوزي يحمله محيي . وضع المقدم أحمد فوهة ماسورة بندقيته الآلية على حافة الشباك الخلفي , وأطلق عدة رصاصات باتجاه الهدف الذي بدأ يجري إلى الخلف وبطريقة ملتوية باتجاه مقدمة السيارة حيث كان محمود بانتظاره في البداية لم يطلق المسدس الرصاص , لكن محمود أعاد الكرة وضغط على الزناد مرة ثانية لينطلق الرصاص نحو الهدف الذي كان يحاول استخدام مسدسه لكنه أصيب ولم يتمكن من ذلك .ومع صوت طلقات الرصاص , هرع رجال الأمن المصريين إلى الخارج وهم يطلقون الرصاص بكثافة لكن محمود نجح في الوصول إلى السيارة , كان بابها الخلفي مفتوحا وقفز محمود وأمر عصام بالإسراع حتى لا يصابوا ورفض إطلاق رصاصة واحدة نحو رجال الأمن المصريين .وسلك عصام الطريق الموازي لدجلة ثم عبر مزلقان السكة الحديد وسار موازيا لشارع القمر الصناعي واتجه حيث سيارة البيجو , تركوا الفيات 128 و ركبوها متجهين إلى منطقة البساتين وبالقرب من طريق الأوتوستراد نزل محمود وأحمد واستقلا التويوتا وتجمع الكل بعد ذلك في منزل محمود.أعدوا بيانا باسم تنظيم ثورة مصر ليعلنوا عن العملية , وتم توزيعه على الصحف ووكالات الأنباء .وهكذا كان إطلاق الرصاص على (زيفي كيدار) بداية الولادة 4/6/1984 وكأنهم اختاروا التاريخ بعناية.
إلى اللقاء مع العملية الثانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق